(فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) : إن مات على ذلك ، وأمّا إذا أسلم ومات على الإسلام ، فلا تكون النار موعده.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) : يحتمل في قوله الوجوه الثلاثة التي ذكرنا من الدين والقرآن والنبي ، يحتمل هو نفسه ، ويحتمل الخطاب غيره لما ذكرنا في قوله : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) [البقرة : ١٤٧] ، (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [الأنعام : ١٤] ، (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) [الأنعام : ٣٥] وأمثاله ؛ فكذلك هذا ، وقد ذكرنا أن العصمة لا تزيل النهي والأمر بل تزيدهما ؛ لأن بالعصمة يظهر موافقة الأمر ومخالفة النهي والمحظور.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) : يحتمل القرآن ، ويحتمل الدين الذي عليه ويدعوهم إليه ، ويحتمل هو نفسه الحق من ربه ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ).
قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (١٩) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(٢٤)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) هو ما ذكرنا أن لا أحد أظلم على (١) نفسه ممن أخذ (٢) نفسه من معبوده وشغلها في عبادة من لا يملك له نفعا إن عبده ولا ضر إن ترك عبادته ، أو يقول : لا أحد أظلم على نفسه ممن ألقى نفسه الطاهرة في عذاب الله ونقمته أبدا بافترائه على الله ، وبالله العصمة والقوة.
وفي التأويل لا أحد أظلم على نفسه ممن افترى على الله كذبا ، وفي المعنى لا أحد أفحش ظلما ممن افترى على الله كذبا بعد معرفته أن جميع ما له من الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ) أي : أولئك الذين تعرض أعمالهم على أنفسهم عند ربهم ، فإن وافقت أعمالهم [ما في](٣) شهادة خلقتهم أدخلوا الجنة ، وإن خالفت أعمالهم شهادة خلقتهم أدخلوا النار ، تعرض أعمالهم على أنفسهم عند ربهم ؛
__________________
(١) في أ : عن.
(٢) في أ : اختلق.
(٣) في أ : في ما.