أي : اختاروا المقام فيما عملوا لها كأنهم يقيمون فيها أبدا
(وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) من ردهم الآيات وكفرهم بها.
وقوله : (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها) يحتمل وجهين : أحدهما : سروا بها وآثروا ثواب محاسن الدنيا على ثواب الآخرة. والثاني : رضاهم بالدنيا والطمأنينة فيها منعهم عن التفكير والنظر في أمر الآخرة.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩) دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٠)
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ).
يحتمل وجوها : يحتمل : يهديهم ربهم بإيمانهم في الدنيا طريق الجنة في الآخرة ، وهو يعني ما ذكر في القصة أن المؤمن إذا أخرج من القبر يصور له عمله في صورة حسنة.
والثاني : يهديهم [ربهم](١) بإيمانهم ، [أي : يهديهم ربهم بإيمانهم](٢) فيصيرون مهتدين بهدايته إياهم ويشبه يهديهم ربهم بإيمانهم أي يدعوهم إلى الخيرات في الدنيا بإيمانهم ، والله أعلم.
فهذا على المعتزلة ؛ لأنهم يمتنعون عن تسمية صاحب الكبيرة مؤمنا ومعه إيمان ، فيلزمهم أن يمتنعوا عما وعد له وإن كان معه إيمان ، فإذا ذكر له الوعد مع هذا ألزمهم (٣) أن يسموه مؤمنا لما معه من الإيمان.
وقوله ـ عزوجل ـ : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ). يقول أهل التأويل : من تحت أهل الجنة ، وقد ذكرنا هذا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ). قال قائلون : قوله : (دَعْواهُمْ) دعوى الإيمان ؛ أي : يدعون في الآخرة من الإيمان والتوحيد لله والتنزيه له كما ادعوا في الدنيا وحدانية الله ونزهوه.
وقوله : (سُبْحانَكَ اللهُمَ).
هو حرف تنزيه وتبرئة الرب عن الأشباه وجميع الآفات التي وصفته المشبهة الملحدة بها ، فهذا يدل أن ما خرج مخرج الدعوى فإنه لا يختلف باختلاف الدور.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : لزمهم.