وحياتهم ومعاشهم بالخارج من الأرض ؛ إذ به نشوؤهم ونماؤهم وحياتهم وقوامهم منها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) : قال بعضهم : [أسكنكم فيها (١) ، وقال بعضهم : استخلفكم فيها (٢). وقال بعضهم : قوله : (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها)](٣) أي : جعلكم عمار الأرض تعمرونها لمعادكم ومعاشكم ، جعل عمارة هذه الأرض إلى الخلق هم الذين يقومون بعمارتها وبنائها وأنواع الانتفاع بها ، ويرجع كله إلى واحد. وقال بعضهم في قوله : (وَاسْتَعْمَرَكُمْ) أي : جعل عمركم طويلا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) : هذا قد ذكرنا فيما تقدم في قصة نوح ، أي : كونوا بحال يغفر لكم ؛ وهو كقوله : (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) [الأنفال : ٣٨] كأنه قال : فإن انتهوا عن الكفر يغفر لهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ) : لحفظ الخلائق أو قريب لمن أنعم عليهم وأمثاله ، أو قريب إلى كل من يفزع إليه ، مجيب لدعاء كل داع استجاب له ؛ كقوله : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي ...) الآية [البقرة : ١٨٦] ؛ وكقوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي ...) الآية [البقرة : ٤٠].
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) : قال بعضهم : قولهم : (قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا) كنت ترحم الضعفاء وتعود المرضي (٤) ونحو ذلك من الكلام ، فالساعة صرت على خلاف ذلك.
وقال بعضهم : (كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا) كنا نرجو أن ترجع إلى ديننا قبل هذا الذي تدعونا إليه (٥) ، فالساعة صرت تشتم آلهتنا وتذكرها بعيب ، أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ، أي : ما كنا نعرف أن آباءنا عندك سفهاء من قبل هذا ، فالساعة تسفه أحلامهم في عبادتهم الأصنام.
(وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) [قالوا هذا ؛ احتجاجا لهم عليه فيما دعاهم إلى توحيد الله وعبادتهم إياه ، فقالوا : إنا على يقين أن آباءنا قد عبدوا هذه الآلهة من غير شك فما تدعونا إليه مريب](٦) أي : يريبنا أمرك ودعاؤك لنا إلى هذا الدين.
__________________
(١) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٣٩٠) ونسبه لقتادة.
(٢) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦١١) وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن زيد.
(٣) ما بين المعقوفين سقط في ب.
(٤) ذكره الرازي في تفسيره (١٨ / ٤٥).
(٥) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٣٩٠) ، وابن عادل في اللباب (١٠ / ٥١٣).
(٦) ما بين المعقوفين سقط في أ.