ويحتمل قوله : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) أي : كما اجتباك ربك بالرؤيا التي أراك ، يفعل ذلك بك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) ، قيل : تعبير الرؤيا (١).
وقال بعضهم : علمه تأويل الصحف التي كانت لإبراهيم وغيره ، وعلمه تأويل تلك الصحف والأحاديث.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها).
قال بعضهم : كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق حين أراد ذبح ابنه ، فجعل مكانه كبشا ؛ فعلى ذلك يتم نعمته عليك ، ويسجد لك إخوتك وأبويك.
ثم من الناس من استدل بهذا أن الذبيح كان إسحاق ؛ لأنه ذكر إتمام نعمته على إبراهيم وإسحاق.
ودل قوله : (وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ) على أنه قد اجتباهم بالنبوة من بعد ـ أعني : أولاد يعقوب ـ لأن ولده من آله ، وقد أخبر أنه يجتبيهم ويتم نعمته عليهم ؛ كما فعل بأبويه (٢) : إبراهيم وإسحاق ، وكذلك روي عن الحسن أنه قال في إخوة يوسف : نبئوا بعد ما صنعوا بيوسف ما صنعوا.
وقال بعضهم : تأويل الأحاديث : العلم والكلام (٣).
قال : وكان يوسف أعبر الناس ، وهو ما قال الله ـ تعالى ـ : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) [يوسف : ٢٢].
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) بما صنع به إخوته ، أو عليم بما ذكر من التمام ، (حَكِيمٌ) : وضع كل شيء موضعه ، والله أعلم.
قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ (٩) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ)(١٠)
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) الآية.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٥١) (١٨٨٠٣) عن مجاهد. وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٧) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٢) في أ : بأبويهم.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٥١) (٤ ـ ١٨٨) عن ابن زيد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٧) وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن ابن زيد.