ثبت ؛ فالتأويل هو لقولهم.
وقال بعضهم : قوله : (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً) أي أنتم شر صنعا بيوسف.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ) من الكذب أنه سرق أخ له من قبل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ).
أرادوا والله أعلم أن يرقّوا قلبه بهذا ، (إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً) لما يكون قلب الشيخ بولده الصغير أميل ؛ وهو عنده آثر وأكثر منزلة منا.
(فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
لما أحسن إليهم في الكيل ؛ والإنزال في المنزل والضيافة والقرى ؛ قد رأوه وعلموه محسنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ).
قيل : هذا قول يوسف. (مَعاذَ اللهِ) أي أعوذ بالله (أَنْ نَأْخُذَ) ونحبس بالسرقة (إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) فإن قيل : كيف تعوذ على ترك أخذه ؛ وأخذ غيره مكانه ، ولم يكن وجب له حق الأخذ ؛ إذ لم يكن سرقه وإنما يتعوذ على ترك ما لا يسع تركه؟
قيل : إنه لم يتعوذ على ترك أخذ أخيه ، إنما تعوذ على أخذ غير من وجد المتاع عنده.
(إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) عندكم لو أخذنا غير من وجدنا متاعنا عنده ؛ إذ في حكمهم أخذ من سرق بالسرقة والحبس بها. والله أعلم.
قوله تعالى : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٠) ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٨٢) قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤) قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (٨٥) قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٦) يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ
__________________
ـ يتوارثونها من إبراهيم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ففتشوا فوجدوها تحت ثيابه ، فقالت : هو لي ، فأخذته كما في شريعتهم ، ومن هنا تعلم يوسف وضع السقاية في رحل أخيه ، كما فعلت به عمته ، وهذه القراءة منطبقة على هذا.
ينظر اللباب (١١ / ١٧٣).