وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ ...) الآية.
أي كم من آية في السموات والأرض. قال بعض أهل التأويل : الآيات التي في السماء مثل : الشمس والقمر والنجوم والسحاب ؛ وأمثاله ، والآيات التي في الأرض : من نحو : الجبال والأنهار والبحار والمدائن ؛ ونحوها ، لكن السماء نفسها آية ، والأرض نفسها آية ؛ وما يخرج منها من النبات آية.
(يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ).
أي : هم عنها معرضون عما جعلت من آيات ؛ لأنها إنما جعلت آيات لوحدانية الله وألوهيته ؛ فهم عما جعلت من آيات معرضون. وبالله الهداية والعصمة.
وقال بعضهم في قوله : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ) أي : كم من آية دليل وعلامة على وحدانية الله ؛ في خلق السموات والأرض ، وهو قريب مما ذكرنا.
وقال بعضهم : آيات السماء ؛ ما ذكرنا من نحو الشمس والقمر والكواكب. وآيات الأرض ؛ فمثل آثار (١) الأمم التي أهلكوا من قبل ؛ من نحو قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط ؛ وغيرهم ؛ ممن قد أهلكوا ؛ يمرون عليها ويرونها ولا يتعظون بهم.
والوجه فيه ما ذكرنا : أنهم معرضون عما جعلت تلك آيات ؛ وإنما جعلت آيات لوحدانية الله وألوهيته ، أو معرضون عن التفكر فيها والنظر إعراض معاندة ومكابرة.
ثم يحتمل الإعراض وجهين :
أحدهما : أعرضوا : أي لم ينظروا فيها ؛ ولم يتفكروا ؛ ليدلهم على وحدانية الله وألوهيته ؛ فهو إعراض عنها.
والثاني : نظروا وعرفوا أنها آيات [لوحدانية الله](٢) ؛ لكنهم أعرضوا عنها مكابرين معاندين ، ليس في السموات ولا في الأرض شيء ـ وإن لطف ـ إلا وفيه دلالة [على](٣) وحدانية الله ، وآية ألوهيته.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ).
يحتمل هذا وجهين :
أحدهما : في الاعتقاد ؛ أي : وما يؤمن أكثرهم بالله بأنه الإله ؛ إلا وهم مشركون الأصنام والأوثان في التسمية ، وسموها آلهة ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما
__________________
(١) في أ : آيات.
(٢) في ب : لوحدانيته.
(٣) سقط في ب.