(قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) [الإسراء : ١١٠] أي : عدد الأسماء لا يوجب عدد الذات ؛ إذ (١) يكون لشيء واحد في الشاهد أسماء مختلفة ؛ فاختلاف الأسماء لا يوجب اختلاف الذات ؛ فعلى ذلك في الله تعالى.
وقال بعضهم : (الرَّحْمنَ) اسم من أسماء الله في الكتب الأول ، قالوا : كتبها رسول الله ؛ أبوا أن يقرءوا به (٢) ، قالوا : وما الرحمن ، إنا لا نعرفه؟ فنزل : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ). والله أعلم.
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ)(٣٢)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) إلى آخر ما ذكر.
قال بعض أهل التأويل : تأويله (٣) : لو أن قرآنا [ما](٤) غير قرآنك ؛ سيرت به الجبال ؛ من أماكنها ؛ أو قطعت به الأرض ، أو كلم به الموتى ، لفعلناه بقرآنك أيضا ، ذلك ولكن لم نفعل بكتاب من الكتب التي أنزلتها على الرسل الذين من قبلك ، ولكن شيء أعطيته أنبيائي ورسلي.
(بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً).
يقول : بل جميع ذلك الأمر كان من الله ؛ وليس من قبل القرآن ؛ أي : لو فعل بالقرآن ذلك كان جميع ذلك من الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) إن شاء فعل ما سألتم ، وإن شاء لم يفعل ويشبه أن يكون غير هذا أقرب ؛ أن يكون صلة ما تقدم من سؤالهم الآيات ؛ وهو قوله : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) [الرعد : ٧] فيقول : لو أن قرآنك الذي تقرؤه عليهم : لو سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض ، أو كلم به الموتى لما آمنوا بك ؛ ولما صدقوك على رسالتك على ما لا يؤمنون بالرحمن ، وكل الخلائق له آية لوحدانيته
__________________
(١) في أ : أو.
(٢) ثبت في حاشية ب : كقوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ ...) الآية كاتبه.
(٣) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٤٠٣ ، ٢٠٤٠٤) وعن الضحاك (٢٠٤٠٥) وابن زيد (٢٠٤٠٦) وانظر : الدر المنثور (٤ / ١١٧ ، ١١٨).
(٤) سقط في ب.