[الأنعام : ١٥٣] لكن ما ذكرنا أن السبيل المطلق [هو](١) سبيل الله ، والكتاب المطلق كتاب الله ، والدين المطلق دين الله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ).
من أضله الله فلا يملك أحد هدايته ، ومن هداه فلا يملك أحد إضلاله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).
العذاب لهم في الحياة الدنيا يحتمل : القتل والقتال ؛ والخوف والجواع ؛ وأنواع البلايا ؛ كقوله : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ ...) الآية [النحل : ١١٢].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُ) أي : أشد.
(وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) أي : ما لهم من عذاب الله من واق يقيهم من عذابه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ).
يحتمل : وصف الجنة التي وعد المتقون ؛ أو صفة الجنة التي وعد المتقون. ويحتمل : [أي : شبه](٢) الجنة التي وعد المتقون.
كشبه النار التي وعد الكافرون ؛ أي : ليسا بشبيهين ولا مثلين ، لا تكون هذه مثل هذه ولا تشبهها ؛ كقوله : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ ...) الآية [محمد : ١٥] ، يقول ـ والله أعلم ـ يقول : الذي وصفه كذا من النعم الدائمة ـ كالذي يكون عذابه ووصفه كذا ؛ أي : لا يكون ؛ فعلى ذلك الأوّل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ).
أي : ثمار الجنة دائمة لا تزول ولا تنقطع ؛ ليس كثمار الدنيا ، ونعيمها ليس من ثمرة من ثمار الدنيا إلا وهي تزول وتنقطع
في وقت ؛ فأخبر أن ثمار الآخرة ـ وما فيها من النعيم ـ غير زائلة ولا منقطعة ، وكذلك عذابها [دائم](٣) لا يزول.
(وَظِلُّها) أيضا.
أخبر أن ظل الجنة لا يزول ولا ينقطع ، لا يكون فيها شمس يزول ظلها بزوالها.
وصف جميع ما فيها بالدوام والمنفعة : الظل شيء لا أذى فيه ؛ وفيه منافع ، والشمس فيها أذى ومنافع ، وكذلك جميع ما يكون من الأشياء في الدنيا ؛ يكون فيها منافع ومضار ؛ وأنها تزول وتنقطع ؛ فأخبر أن ظل الآخرة وما فيها من النعم دائمة باقية ؛ غير زائلة ولا
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في ب.