أخرى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) [البقرة : ١٢١] لأن أكثرهم [لا يؤمنون](١) بما أنزل على محمد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ).
يحتمل : أهل الكتاب كانوا ينكرون بعض ما أنزل إليه ؛ لا ينكرون كل ما أنزل إليه ؛ وإنما ينكرون نعته وصفته ؛ لأنهم كتموا نعته وصفته التي في كتبهم.
ويحتمل قوله : (وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) مشركي العرب ؛ وهم أيضا أنكروا بعض ما أنزل إليه ؛ وهو ما ذكر : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) [الرعد : ٣٠] في قوله : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) [ص : ٥] ونحوه ، لم ينكروا كله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا).
كأن هذا قاله على إثر قول كان منهم ؛ [كأنهم دعوه](٢) إلى أن يشاركهم في عبادة الأصنام ، أو دعوه أن يكون على ما كان آباؤهم ؛ فقال : قل إنما أمرت أن أعبد الله وأمرت ألا أشرك به.
ويحتمل قوله : (وَلا أُشْرِكَ بِهِ) قال ذلك من نفسه.
(إِلَيْهِ أَدْعُوا) يقول : إلى توحيد الله أدعو غيري ثم أخالف وأعبد غيره؟
(وَإِلَيْهِ مَآبِ) أي : إليه المرجع.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ) أي : كما علمناك آدابا وأعطيناك النبوة ـ كذلك أنزلنا عليك.
(حُكْماً عَرَبِيًّا) قيل حكمة عربية ، وكانت العرب لا تفهم الحكمة ؛ أو أنزلنا ما فيه حكم. وتفسير قوله : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا) ما ذكر [في آية](٣) أخرى ؛ وهو قوله : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [يوسف : ١ ، ٢] سمى القرآن حكما ؛ لأنه للحكم أنزل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ).
هذا يدل أنهم كانوا يدعونه إلى أن يشاركهم في بعض ما هم فيه.
(ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) ينصرك ويمنعك من عذاب الله.
(وَلا واقٍ) يعني العذاب.
__________________
(١) في أ : يفرحون.
(٢) في ب : كأن دعوهم.
(٣) في ب : في قوله آية.