العذاب عليهم ، وأنواع ما وعد ؛ فقال : إن شئنا نريك بعض ما وعدناهم ، وإن شئنا نتوفاك (١) ولم نرك ؛ فإنما عليك البلاغ ؛ أي : ليس لك من الأمر شيء ؛ أي : ليس إليك هذا إنما عليك البلاغ ؛ وهو كقوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ...) الآية [آل عمران : ١٢٨] إنما عليك كذا ؛ فيخرج مخرج العتاب والتوبيخ ؛ ليس مخرج الوعد والعدة ؛ إذ قوله : ذا ، وذا ، بحرف شك [ولا يجوز أن يضاف إليه ذلك. وقوله : (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) هذا في الظاهر حرف شك](٢) ، فهو يخرج على الوعد أو على النهي عن سؤال كان من رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فإن كان على النهي ـ فكأنه نهاه أن يسأل إنزال العذاب عليهم ؛ يقول : إن شئنا أنزلنا وإن شئنا لم ننزل ، وإن كان على الوعد ؛ يقول : نريك بعض ما وعدنا ؛ ولا نريك كله ، وإلا ظاهره حرف شك.
وقوله : (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) يحتمل حساب ما وعد وجزاءه ، ويحتمل الحساب المعروف ؛ الذي يحاسبهم يوم القيامة. والله أعلم. [أي : لا يتركهم هملا سدى ، أو قوله : (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) أي : إلينا الحساب ، أو لنا الحساب ، وذلك جائز في اللغة](٣).
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)(٤٣)
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا).
قد ذكرنا فيما تقدم أنه إنما هو حرف تعجب وتنبيه ؛ فهو يخرج على وجهين :
أحدهما : على الخبر ؛ أي : قد رأوا أنا فعلنا ما ذكر.
والثاني : على الأمر ؛ أي : [روا أنّا](٤) فعلنا ما ذكر ؛ وهو ما ذكر من قوله : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) [الروم : ٩] أي : قد ساروا في الأرض ؛ أو سيروا.
(أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها).
قال بعضهم (٥) : هو ما جعل من أرض الكفرة للمسلمين ؛ بالفتح لهم (٦) ؛ والنصر على
__________________
(١) في أ : نتوفينك.
(٢) سقط في : أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : رأونا.
(٥) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٥١٤ ، ٢٠٥١٥) وعن الضحاك (٢٠٥١٦) والحسن (٢٠٥١٧) وانظر : الدر المنثور (٤ / ١٢٧).
(٦) في ب : عليهم.