بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فأجابوهم بحرف ؛ فعند ذلك قال الرسل : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) لكنه لم يذكر ما كان منهم ؛ ولكن ذكر جواب الرسل لهم : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا) قال بعضهم : وقد بين لنا سلوك سبلنا.
وعندنا قوله : (وَقَدْ هَدانا) أي : وفق لنا السلوك في السبل التي علينا أن نسلكها ؛ وأكرم لنا ذلك ؛ أي : ما لنا ألا نتوكل عليه في النصر والظفر عليكم ؛ وقد وفقنا وأكرمنا السلوك في السبل التي علينا سلوكها ، وذلك أعسر من القيام للأعداء والنصر بهم ؛ وقد أكرمنا ما هو أعسر وأعظم ؛ فإن ينصرنا أولى. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا).
يحتمل أن يكون هذا قبل أن يأمروا بالقيام لهم والاستنصار منهم ؛ أمروا بالصبر على أذاهم ؛ فقالوا : (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا).
ويشبه أن يكون قوله : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) أنهم قالوا ذلك ؛ لما كان أهل الكفر في كثرة ؛ وكان أهل الإسلام وأتباع الرسل في قلة ؛ يستقلون أهل الإسلام ويعاتبون على ذلك ؛ فقالوا عند ذلك : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) بالنصر على أعدائنا ؛ والغلبة عليهم ، وقد أكرمنا بما ذكر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) كأنه يخرج على الأمر ؛ أي : على الله فتوكلوا ؛ لا تتوكلوا [على](١) غيره.
ويشبه أن يكون على الخبر ؛ أي : لا يتوكل المؤمن إلا على الله ؛ لا يتوكل على غيره ؛ كقول الرسول حيث قال : (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ ...) الآية [هود : ٥٦] وهو قول هود ، وقول المؤمنين : (عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا ...) الآية [الأعراف : ٨٩] ونحوه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا).
الإخراج يحتمل وجوها ثلاثة :
أحدها : على حقيقة الإخراج من البلد إلى غيره من البلدان والأرضين.
ويحتمل الإخراج : الحبس (لَنُخْرِجَنَّكُمْ) ؛ أي : لنحبسنكم عن [الانتفاع بالبلد](٢) وبأهله وبما فيه ، ويحتمل الإخراج : القتل ؛ أي : نقتلنكم ؛ وقد كان أهل الكفر يوعدون ويخوفون الرسل وأتباعهم بهذه الثلاثة ؛ كقوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) الآية
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : الانتفاع بها بالبلد.