ويحتمل : (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) أي : حق ما تجد كل نفس ما قدمت من أعمالها ، أو حق أن تقرأ كل نفس ما عملت وضل عنهم ما كانوا يفترون من العبادة للأصنام وقول الكفر ، وقوله : (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) يحتمل وجهين ؛ أي : ردوا إلى ما أعدّ لهم مولاهم الحق ، والثاني أي : ردوا إلى أمر مولاهم الحق ، لا إلى أمر الأصنام التي كانوا يعبدونها.
قوله تعالى : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣١) فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢) كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣٤) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥) وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ)(٣٦)
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ ...) الآية : يحاجهم يعني : أهل مكة فى التوحيد [والربوبية وكأن هذه السورة نزلت في محاجة أهل مكة في التوحيد](١) لأنها مكية.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ)(٢) يحتمل وجهين ؛ أي : من ينزل لكم الرزق من السماء ، ومن يستخرج لكم الرزق من الأرض. والثاني : من يرزقكم من السماء والأرض أي ومن يدبر الرزق في السماء ، ومن يدبر الرزق في الأرض ، لا أحد يملك استنزال الرزق من السماء ، واستخراج الرزق من الأرض ؛ وكذلك لا أحد يملك تدبيره في السماء والأرض سواه ، ولا أحد يملك إنشاء السمع والبصر ، ولا أحد أيضا يملك إخراج الحي من الميت ولا إخراج الميت من الحي ولا تدبير الأمر ، لا يعرفون حقيقة ماهية السمع والبصر ولا كيفيتهما ، فكيف يملكون إنشاء السمع والبصر ونصبهما ، ولا [يملك أحد](٣) سواه إصلاح ما ذكر إذا فسد ذلك ، فأقروا له أنه لا يملك أحد سوى الله ذلك ، وهو قولهم : (فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) [يقول. والله أعلم ـ : إذا عرفتم
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) زاد في أ : أى : من يدبر الرزق في السماء ، ومن يدبر في الأرض.
(٣) في أ : يملكون.