خيالا ، فعلى ذلك : أعمالهم السيئة في أنفسها فرأوها حسنة صالحة ، وما كان وما شبه بالرماد ـ فهى أعمالهم الصالحة في أنفسها ؛ لكن الكفر أبطلها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ).
[اليوم لا يكون عاصفا ؛ ولكن على الإضمار ؛ كأنه قال : في يوم فيه ريح عاصف](١) كقوله : (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) [غافر : ٦١] النهار لا يبصر ولكن يبصر فيه أو يبصر به.
والعاصف : قيل : هو القاصف الكاسر الذي يكسر الأشياء. أو يكون قوله : (اشْتَدَّتْ بِهِ) ، والعاصف والقاصف ـ حرفان يؤديان جميعا معنى واحد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ) كالرماد الذي ذكرنا أن صاحبه لا يقدر به بعد ما عملت به الريح وذرته. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ).
يحتمل : ذلك الكفر هو الضلال البعيد ؛ لا نجاة فيه أبدا.
أو ذلك [الكفر](٢) الذي أتوا به بعيد عن الحق والله أعلم.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ)(٢٠)
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).
(أَلَمْ تَرَ) حرف تنبيه عن عجيب بلغه وعلم به غفل عنه ، أو نقول : حرف تنبيه عن عجيب لم يبلغه بعد ولم يعلم به. على هذين الوجهين يشبه أن يكون والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ).
قال عامة أهل التأويل : بالحق أي : للحق ، وتأويل قولهم ـ والله أعلم ـ : للحق : أي : للكائن (٣) لا محالة ؛ وهي الآخرة (٤) ؛ لأنه خلق العالم الأول للعالم الثاني ؛ والمقصود في [خلق](٥) هذا العالم هو العالم الثاني ؛ فكان خلقهما للثاني لا للأول [لأنه لو كان للأول](٦)
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : للكافرين.
(٤) ثبت في حاشية ب : لقائل أن يقول : ما معنى خلقهما للآخرة ، وهما لا يبقيان ، بل يفنيان ويبدلان كما أخبر جل وعلا ، اللهم إلا أن يكون على حذف مضاف ، أي : خالق ما فيهما ؛ بدليل ما استشهد به من قوله تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً ...) الآية. فالذى فيهما من بنى آدم يجرى فيه التأويل الذي ذكره ، والله أعلم. كاتبه.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.