اختلف في نزوله : قال بعضهم : هذه [السورة](١) كلها نزلت بمكة إلا هذه الآية فإنها نزلت بالمدينة. وقال بعضهم : نزلت بمكة كلها.
فمن يقول : نزلت بالمدينة ـ يقول : قوله : (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ. جَهَنَّمَ) هو بدر ؛ أي : حملوهم إلى بدر حتى قتلوا ؛ لأنه لم يكن بمكة بدر ؛ إنما كان بالمدينة.
ومن يقول : نزلت بمكة ـ يقول : (دارَ الْبَوارِ) : هي جهنم ؛ على ما فسّره ظاهر الكتاب ، وهو الأشبه بظاهر الآية ؛ لأنه بيّن تلك الدار ؛ فقال : (جَهَنَّمَ).
وفي الآية دلالة أن الآية [كانت](٢) في عظمائهم وكبرائهم ؛ حيث قال : (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ ...) الآية.
ثم اختلف في النعمة ؛ التي ذكر أنهم بدلوها كفرا ؛ فهى تحتمل وجوها :
أحدها : أن الله ـ عزوجل ـ قد أنعم عليهم في هذه الدنيا ؛ ووسعها عليهم ؛ فحرموا تلك النعم على أنفسهم ؛ فجعلوها للأصنام التي عبدوها وسيبوها ؛ ولم ينتفعوا بها ، من نحو البحيرة التي ذكر ، والسائبة ، والوصيلة ، والحامى ، وما جعلوا للأصنام هو ما ذكر (وَهذا لِشُرَكائِنا) [الأنعام : ١٣٦] ، فذلك تبديل النعمة كفرا ؛ حيث حرموا ما أنعم الله عليهم وأحل لهم.
والثاني : تلك النعمة محمد أو القرآن أو الإسلام وهو نعمة ، كذبوهم [وكفروهم](٣).
أو أن يكونوا بدلوا الشكر الذي عليهم ـ بما أنعم عليهم كفرا ، جعلوها سببا للكفر ؛ فلم يشكروه بما أنعم عليهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) حقيقته يخرج على وجهين :
أحدهما : بدلوا وصرفوا ما أنعم الله عليهم ؛ وهو محمد صلىاللهعليهوسلم عن أنفسهم ؛ حتى أخذ منهم ؛ بدلوا به كفرا.
والثاني : بدلوا به كفرا بعد ما سألوا ربهم (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ ...) الآية [النحل : ٣٨] ؛ فلم يشكروا ما أنعم عليهم ، وبدلوا الشكر كفرا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.