قوله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ)(٣١)
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ).
يحتمل [إقامة الصلاة](١) إقامة الإيمان بها ؛ كقوله : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) [التوبة : ٦] هو إقامة الإيمان به ، إذ لا يحتمل الحبس إلى أن يقيموا إقامة الفعل والوفاء ؛ إذ في ذلك حبسهم أبدا.
ويحتمل إقامة الوفاء بها والفعل ؛ لأنه إنما خاطب المؤمنين على إقامتها ، وقد سبق [منهم ما ذكرنا ؛ من](٢) الإيمان بها. [كيف يحتمل الأمر بإقامتها إقامة الإيمان به ، وقد سبق منهم ما ذكرنا من الإيمان بها](٣) قيل : هذا جائز يأمرهم بإقامة الإيمان بها في حادث الوقت ؛ إذ للإيمان حكم التجدد في كل وقت ؛ وهو كقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ) [النساء : ١٣٦] أي : آمنوا في حادث الوقت ؛ فعلى ذلك هذا يحتمل الأمر بإقامتها ـ إقامة الإيمان بها.
ويحتمل ما ذكر من إقامة الصلاة في الآية ؛ والإنفاق ـ هي الصلاة المعروفة المعهودة ، والزكاة المعروفة المفروضة ؛ والإدامة لهما واللزوم بهما ، ويحتمل القبول والوفاء بهما.
[وقوله ـ عزوجل ـ :](٤)(وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً).
قال الحسن (٥) : الأمر بالإنفاق مما رزقناهم الزكوات المفروضات ؛ ألا ترى أنه ذكر الوعيد في آخره وقال : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) ولا يحتمل الوعيد في صدقات التطوع ؛ وهو ما ذكر أيضا في آية أخرى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) [المنافقون : ١٠] ولا يحتمل طلب الرجوع والتأخير إلى أجل في النوافل ؛ دل أنه أراد به الزكوات المفروضات.
وقال بعضهم : (وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا) : هي التطوع ، والعلانية : الفريضة ؛ لأن الفريضة لا بدّ من أن تظهر وتعلن ، وليس في أدائها رياء والله أعلم.
[وقوله ـ عزوجل ـ](٦) : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ).
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في أ.
(٤) بياض في ب.
(٥) قاله ابن عباس بنحوه ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٨٢٣).
(٦) بياض في ب.