سورة الحجر ذكر أنها مكية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥) وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(٩)
قوله ـ عزوجل ـ : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ).
قد ذكرنا فيما تقدم : أنه يحتمل أن الحروف المقطعة كناية عن كتابه وآياته (١) ، أو آياته ؛ أنه جمعها على ما توجبه الحكمة ؛ فجعلها كتابا أو [آيات كتاب يتلى](٢) ، أو يكون كناية عن الإنباء والإخبار عن الأمم السالفة ؛ التي لم يشهدها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، تلك الأنباء والأخبار التي جعلناها كتابا أو آيات ؛ ليعلموا أن هذا الكتاب إنما نزل من السماء ، وأنه إنما علم بالوحي من الله ، وقد ذكرنا هذا في غير موضع.
(وَقُرْآنٍ مُبِينٍ).
قال : بيّن فيه ما يؤتى ، وما يتقى. أو (مُبِينٍ) : يبين بين الحقّ والباطل. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ).
قال عامة أهل التأويل (٣) : إنما يودون الإسلام والتوحيد ، بعد ما عذب بالنار قوما من أهل التوحيد بذنوبهم ، ثم أخرجوا منها بالشفاعة أو بالرحمة ، فعند ذلك يتمنى أهل الشرك ؛ ويودّون الإسلام والتوحيد (٤) ؛ لكن هذا بعيد ألا يتمنوا إلا في النار بعد ما أخرج أولئك وقد أصيبوا الشدائد والبلايا ؛ من قبل أن يأتوا النار ، قال الله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : آيات تتلى.
(٣) ورد في معناه أحاديث منها : حديث أبي موسى الأشعري ، أخرجه ابن أبي عاصم في السنة وابن جرير (٢١٠٠٥) وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور ، وعن أبي سعيد الخدري ، أخرجه إسحاق بن راهويه وابن حبان والطبراني وابن مردويه ، وعن جابر ، أخرجه الطبراني في الأوسط وابن مردويه بإسناد صحيح ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٧٢) وهو قول ابن عباس وأنس بن مالك وغيرهما ، أخرجه ابن جرير (٢١٠٠٦ ، ٢١٠١٠) وابن المبارك في الزهد وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في البعث عنهما ، كما في الدر المنثور.
(٤) زاد في أ : لو كانوا مسلمين.