٢٠٠] وقال : (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) [القصص : ٣٢] أي : أدخل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ).
يخبر ـ عزوجل ـ عن سفههم وعنادهم في سؤالهم الآيات ؛ وطلب نزول الملائكة بقوله : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) يقول : إن سؤالهم الآيات ؛ وما سألوا متعنتين مكابرين ؛ ليسوا هم بمسترشدين ، لكن أهل الإسلام لا يعرفون تعنتهم بالذكر ؛ حيث قال : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ ...) الآية [الأنعام : ١٠٩] ثم قال : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام : ١٠٩] وذلك أن المؤمنين كانوا يشفعون لهم بسؤالهم الآيات لعلهم يؤمنون ؛ فأخبر : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) فعلى ذلك قوله : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) يخبر أنهم بسؤالهم نزول الملائكة ؛ معاندين مكابرين ـ ليسوا بمسترشدين.
ثم اختلف فيه : قال بعضهم (١) : قوله : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ) : يعني على الملائكة بابا حتى رأوا ، وعاينوا الملائكة ينزلون من السماء ويصعدون ؛ فلا يؤمنون ؛ وقالوا : (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) قيل (٢) : حيرت وسدت ، (بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) : أي : سحرت أعيننا ؛ فلا نرى ذلك.
وقال بعضهم : قوله : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً) أي : لهم (باباً مِنَ السَّماءِ) كقوله : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) [المائدة : ٣] أي : للنصب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَظَلُّوا فِيهِ) حتى (يَعْرُجُونَ) فيه ويعاينون نزول الآيات ويشاهدون كل شيء (لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) يؤيس رسوله وأصحابه عن إيمانهم ، وقوله تعالى : (لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) يقولون ذلك لشدة تعنتهم وسفههم ، وينكرون معاينة ذلك.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢١٠٤٣ ، ٢١٠٤٦) وعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ١٧٦).
(٢) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (٢١٠٥١ ، ٢١٠٥٢) وعن ابن جريج (٢١٠٥٣) والضحاك (٢١٠٥٤).