قوله تعالى : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (٥٢) قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣) قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤) قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ (٥٥) قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ (٥٦) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ)(٦٠)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ).
أي : نبئ قومك عن ضيف إبراهيم ؛ أي : نبئهم بتمام ما فيه من الزجر والموعظة ؛ لأن في ذلك أخبار ما نزل بالمكذبين ؛ بتكذيبهم الرسل ، وهو الإهلاك ، ونجاة من صدق الرسل ، ففيه تمام ما يزجرهم ، ويعظهم ، من الترهيب والترغيب ، فإن فيهم آية لرسالتك ونبوتك ؛ لأنه يخبرهم على ما في كتبهم لم يشهدها هو ، فيدلهم أنه إنما عرف ذلك بالله.
أو نبئهم ؛ فإن ذلك ما يزجرهم عن مثل صنيعهم ، وفيه ذكر نعم الله ؛ لأنهم جاءوا بالبشارة ؛ بشارة الولد ، وجاءوا بإهلاك قوم مجرمين ، فذلك بالذي يزجرهم عن مثله ، والبشارة ترغبهم في مثل صنيع إبراهيم ، فنبئهم فإن فيه (١) ما ذكرنا.
ودل قوله : (ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) أن الضيف اسم لكل (٢) نازل على آخر ، طعم عنده أو لم يطعم ، وكان نزله للطعام أو لا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً).
أي : سلموا على إبراهيم ، فرد إبراهيم عليهمالسلام.
وقال أبو بكر الأصم : السلام جعله الله أمانا بين الخلق ، وعطفا فيما بينهم ، وسببا لإخراج الضغائن من قلوبهم.
وقال بعضهم : جعل الله السلام تحية على (٣) كل داخل على آخر ، وهو ما ذكرناه.
وقال بعضهم : السلام : هو اسم كل خير وبرّ وبركة ؛ كقوله : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً) [مريم : ٦٢] والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) أي : خائفون.
قال بعض أهل التأويل : إنما خاف ؛ لأنه ظن أنهم لصوص وأهل ريبة ، لكن هذا لا يحتمل أن يخاف منهم ؛ ويظن أنهم لصوص وأهل ريبة ، وقد سلّموا عليه وقت ما دخلوا
__________________
(١) في أ : به.
(٢) في ب : كل.
(٣) في أ : عن.