ليس برجوع ؛ لأنه لو كان رجوعا لكان يوجب الكذب في الخبر ، ولكن في الثنيا بيان تحصيل (١) المراد مما أجمل في اللفظ.
وفيه دلالة أيضا أنه يجوز أن يستثنى من الاستثناء ؛ لأنه استثنى امرأته من آله ؛ بقوله : (إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا امْرَأَتَهُ) فحصلت المرأة من قومه ؛ حيث استثناها من آله.
وفيه أنه قد يجوز أن يستثنى من خلاف نوعه ؛ لأنه استثنى آل لوط من قومه ، والمجرم ليس من نوع الصالح ، ثم استثنى امرأته من آله ؛ وهي ليست منهم.
وفيه أيضا أن آل الرجل يكون أتباعه ؛ حيث استثنى آله منهم ، يدخل فيه من تبعه ؛ ألا ترى أنه قال : آل فرعون ، وإنما هم أتباعه ، وآل موسى ، وآل هارون ، وآل عمران : كل يرجع إلى أتباعهم ، فيدخل في قولهم : اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد ـ كلّ من تبعه. والله أعلم.
وقوله : (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ).
قال أبو بكر الأصم : (قَدَّرْنا إِنَّها) : أي : أخبرنا ، لكن هذا منه احتيال على تقوية مذهب الاعتزال ؛ لأنهم ينكرون أن يكون أفعال العبيد مقدرة لله مخلوقة ، ففي ذلك دلالة أن أفعالهم مخلوقة لله ، مقدرة له ، وأصله : أي : قدرنا بقاءها من الأصل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَمِنَ الْغابِرِينَ) : أي : الباقين.
قال أبو عوسجة : الغابرون : الباقون ، والغابرون : الماضون أيضا ؛ يقال : غبر يغبر غبرا : إذا بقى ، وإذا مضى أيضا.
قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١) قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٦٢) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣) وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٦٤) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (٦٥) وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (٦٦) وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ (٦٩) قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (٧٠) قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥) وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ)(٧٧)
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ. قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ).
__________________
(١) في أ : تحصي.