ذكر : أن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون ؛ فيكون هذا تفسير ذلك.
ويحتمل الهوان ، وكذلك قيل في قوله : (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ) [النحل : ٢٧] أي : الهوان اليوم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ).
هذا يدل على أنه قد كان سبق النهي عن إنزال الأضياف ؛ كأنهم (١) قد نهوه عن إنزال الأضياف ؛ لذلك قالوا : (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ).
قال أبو بكر الأصم : يخرج قولهم : (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) مخرج الاعتذار له ؛ لأنهم كانوا يعظمون الرسل [ـ أعني : أقوام الرسل جميعا ـ إذ لم يكن من الرسل](٢) إليهم ، سوى الخلاف في الدين والدعاء إلى دين الله ، فهم وإن كذبوا الحجج التي أتت بها الرسل فقد كانوا يعظمونهم ؛ ألا ترى أنه قال لرسولنا صلوات الله عليه : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ...) الآية [الأنعام : ٣٣] والأول أشبه. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) ، وفي موضع آخر : (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) [هود : ٧٨] وقد ذكرنا في السورة التي فيها ذكر هود.
قال بعضهم (٣) : إنما عرض عليهم نساء قومهم ؛ لأنه كالأب لهم على ما ذكر أن نساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمهاتهم. وقال بعضهم : في ذكر البنات إخبار منه لهم بنهاية فحاش صنيعهم ؛ لأنه يجوز ورود الشرع على بناته لهم ، ولا يجوز حل ذلك بحال.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ).
قال الحسن : يقسم الله بما شاء من خلقه ، وليس لأحد أن يقسم إلا بالله ، وإنما أقسم بحياة محمد صلىاللهعليهوسلم (٤) ؛ ولم يقسم بحياة غيره وبغيره.
وقال بعضهم : قوله : (لَعَمْرُكَ) كلمة تستعملها العرب في أقسامهم ؛ على غير إرادة القسم بحياة أحد. ومنهم من قال : إنما ذلك على التعريض ؛ وأصله : أن الله قد أقسم بأشياء : أقسم بالشمس ، والقمر ، والليل ، والنهار ، وأقسم بالجبال ، والسماء ، وغيرها من الأشياء التي تعظم عند الخلق ، فرسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وقد أخبره أنه أرسله رحمة للخلق وهدى ـ أولى أن يعظم بالقسم به ؛ ألا ترى أنه قال : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)
__________________
(١) في أ : كأنه.
(٢) سقط في أ.
(٣) قاله البغوي (٣ / ٥٥).
(٤) زاد في ب : وقال بعضهم : أقسم بحياة محمد.