ثم يحتمل السبع الطوال ؛ على ما ذكر بعض أهل التأويل ؛ كأنه قال : آتيناك سبعا من القرآن العظيم. ويحتمل : (سَبْعاً) يعني فاتحة الكتاب من القرآن ؛ أي : آتيناك فاتحة الكتاب من القرآن. وقال قوم : يقولون : سبع المثاني : فاتحة الكتاب ، ويروون على ذلك حديثا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [«الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب ، والسبع المثاني» (١) وعن أبيّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٢) : «ما أنزل الله في التوراة والإنجيل مثل أم القرآن ؛ وهي السبع المثاني ، وهي مقسومة بيني وبين عبدي ؛ ولعبدي ما سأل» (٣).
ومنهم من يقول : المثاني : القرآن كله ؛ يذهب إلى ما ذكرنا من الآية ؛ وبما يروى (٤) عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما أنزلت في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور والقرآن مثلها (٥) ـ يعني أمّ القرآن ـ وإنها سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت» ذكروا أنها سبع من المثاني ؛ فإن كان سبع المثاني فاتحة الكتاب ، يصير كأنه قال : ولقد آتيناك سبعا ؛ وهي المثانى ، وإن كان سبعا من المثاني [هي السبع](٦) الطوال يكون هكذا : أي : آتيناك سبعا ؛ وهو المثاني. وروي أيضا عن نبي الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «آتاني السبع الطوال مكان التوراة والمثاني مكان الإنجيل ، وفضّلني ربي بالمفصل» (٧) ثم إن ثبت ما روي في الخبر أن سبع المثاني فاتحة الكتاب (٨) وإلا الكفّ والإمساك عن ذلك أولى ؛ لأنه لا حاجة بنا إلى معرفة ذلك ، وليس يكون تسميتنا إياها سوى الشهادة ، وما خرج مخرج الشهادة ـ من غير حصول النفع لنا ـ فالكف عنه والإمساك أولى.
ومنهم من يقول : هنّ المفصّل.
ومن قال : المثاني فاتحة الكتاب ـ قال : لأنها تثنى في كل ركعة أو ما جعل فيها مكررة معادة ؛ لأن كل حرف منها يؤدي معنى حرف آخر ؛ فسمي مثاني بذلك.
ومن قال : المثاني : هو القرآن ؛ قال : لما ذكرنا ؛ لأن أمثاله ، وأنباءه ، وغيره معادة
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٢١٣٥١ ، ٢١٣٦٠) من طرق عنه ، وفي بعض الطرق عن أبي ذر.
(٢) سقط في ب.
(٣) انظر ما سبق.
(٤) في أ : روى.
(٥) تقدم.
(٦) في أ : هو.
(٧) أخرجه الطبراني في الكبير (٨ / ٣٠٨) (٨٠٠٣ ، ٨٠٠٤) ، وقال الهيثمي في المجمع (٧ / ١٦١) :
وفيه ليث بن أبي سليم وقد ضعفه جماعة ويعتبر بحديثه وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٨) تقدم.