مردّدة.
ومن قال : المثاني السبع الطوال ـ فقال : لأنه يثنى فيها حدود القرآن ، وفرائضه ، وعامة أحكامه. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).
سماه عظيما ، وسماه مجيدا ، وحكيما ؛ وهو اسم الفاعلين ، ولا عمل له ولا فعل في الحقيقة ؛ لكنه يخرج ـ والله أعلم ـ على وجوه :
يحتمل : سمّاه عظيما مجيدا ؛ لما عظمه وشرفه ومجده ، فهو عظيم مجيد حكيم : أي : محكم ، الفعيل بمعنى المفعول (١) ، وذلك جائز في اللغة.
أو سماه بذلك لأن من تمسك به ؛ وعمل به ؛ يصير عظيما مجيدا ، حكيما ، أو سماه عظيما مجيدا حكيما : أي : جاء من عند عظيم هو مجيد حكيم ، وأصل الحكيم : هو المصيب ، الواضع (٢) كلّ شيء موضعه. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ).
يحتمل المراد بقوله : (عَيْنَيْكَ) نفس العين.
ثم هو يحتمل وجهين :
أحدهما : نهى رسوله أن ينظر إلى ما متع أولئك مثل نظرهم ؛ لأنهم ظنوا أنهم إنما متعوا هذه الأموال في الدنيا لخطرهم وقدرهم عند الله ، وعلى ذلك قالوا : (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) [الكهف : ٣٦] وقال : (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي ...) الآية [فصلت : ٥٠] ونحوه ، ظنوا أنهم إنما متعوا في هذه الدنيا ؛ لخطرهم وقدرهم عند الله ؛ لذلك قالوا ما قالوا ؛ فنهاه أن ينظر إلى ذلك بعين الذين نظروا هم إليه ؛ ولكن بالاعتبار.
والثاني : نهاه أن ينظر إلى ذلك نظر الاستكبار والتجبر على المؤمنين ، والاستهزاء بهم على ما نظروا هم ؛ لأنهم بما متعوا من أنواع المال استكبروا على الناس ، واستهزءوا بهم ؛ إذ البصر قد يقع [على ما ذكر](٣) من غير تكلف ؛ فيصير كأنه نهاه عن الرغبة والاختيار فيما متعوا فيه ؛ لأن ما متعوا به هو ما ذكر ، (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا) [التوبة : ٨٥] وقال في آية أخرى (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) [طه : ١٣١].
وقوله : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) فيما متعوا فإنهم إنما متعوا لما ذكر ، ويحتمل النهي عن مدّ
__________________
(١) في ب : مفعول.
(٢) في ب : واضع.
(٣) سقط في أ.