[سورة النحل كلها مكية إلا ثلاث آيات](١)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١) يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ)(٢)
قال بعض أهل التأويل (٢) : سورة النحل كلها مكية إلا ثلاث آيات ؛ فإنها (٣) نزلت بالمدينة والله سبحانه أعلم بالصواب.
قوله ـ عزوجل ـ : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).
في قوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) وجهان :
أحدهما : أن يعرف قوله : أمر الله ، [ما أراد به وما](٤) الذي استعجلوه ، وإنما استعجلوه الساعة والقيامة ؛ بقوله : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها ...) الآية [الشورى : ١٨] ونحوه من الآيات.
وقال بعضهم : أمر الله هو عذابه ، وكذلك [جميع](٥) ما ذكر في جميع القرآن من أمر الله ؛ المعنى منه عذابه ؛ كقوله : (جاءَ أَمْرُ اللهِ) [الحديد : ١٤] أي : عذابه ، ونحوه.
ويحتمل قوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ) : رسوله الذي كان يستنصر به أهل الكتاب على المشركين ؛ كقوله : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ...) الآية [البقرة : ٨٩] وكان يتمنى مشركوا العرب أن يكون لهم رسول كسائر الكفرة ؛ كقوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ...) الآية [الأنعام : ١٠٩] (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) ذهاب ما كنتم تتمنون بمحمد صلىاللهعليهوسلم أو شيء آخر. والله أعلم.
ثم إنه لم يرد بقوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ) وقوعه ؛ ولكن قربه ؛ أي : قرب آثار [أمر](٦) الله ؛ كما يقال : أتاك الخبر ، وأتاك أمر كذا ؛ على إرادة القرب ؛ لا على الوقوع. وجائز أن يكون قوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ) أي : ظهر أعلام أمر الله وآثاره ، ليس على إتيان أمره من مكان إلى مكان ؛ كقوله : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ) [الإسراء : ٨١] وآثاره : هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه كان به يختم النبوة ؛ فهو كان أعلام الساعة على ما روي عنه صلىاللهعليهوسلم ؛ فقال : «بعثت أنا
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) قاله ابن عباس أخرجه النحاس من طريق مجاهد عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٢٠٤).
(٣) في أ : لأنها.
(٤) في أ : وأراد ما.
(٥) سقط في أ.
(٦) سقط في أ.