آثار من [كان](١) قبلكم الذين أهلكوا بالتكذيب ، كان النبي يخبرهم من أنباء الأمم الخالية ؛ وما نزل بهم ، فينكرون ذلك ؛ فقال عند ذلك : فسيروا (٢) في الأرض فانظروا إلى آثار من كان قبلكم.
ويشبه أن يكون ليس على السير نفسه ؛ ولكن على التأمل (٣) والنظر في آثار أولئك وأمورهم أنه بم نزل بهم ما نزل ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ).
قال أبو بكر الأصم : [قوله : (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ) :](٤) كان يحب ويحرص على هدى قراباته ؛ كقوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) [القصص : ٥٦] فقال : (فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) ؛ أي : لا يهديهم بضلالهم وقت ضلالهم أو لا يهديهم وقت اختيارهم الضلال ، أو لا يهدي من علم أنه يختار الضلال [ويهلك على الضلال](٥) ، أو لا ينجي من يهلك على (٦) الضلال.
وفيه لغات ثلاث : (فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) أي : لا يهدى من أضله الله ؛ أي : إذا أضله الله فليس أحد يهديه ، و (لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) ؛ ما ذكرنا ، ولا (يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) ؛ أي : لا يهتدي (٧) من أضله الله ، والله أعلم بذلك. أو لا يهتدي في الآخرة طريق الجنة من أضله الله في الدنيا لاختياره الضلال ، وهو كقوله : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) [البقرة : ٢٦٤] (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الصف : ٧] وقت اختيارهم الكفر والظلم ، أو لا يهدي من علم منه أن يختار الضلال والظلم ، أو لا يهدي من يلزم الضلال وقت لزومه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ).
ظاهر تأويله.
قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ (٣٩) إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(٤٠)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ).
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : سيروا.
(٣) في أ : التأويل.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : عن.
(٧) في أ : لا يهدي.