(أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ).
قال بعضهم : على تقريع ، وقال : على تنقيص (١) من الأموال وغيره ؛ كقوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ...) الآية [البقرة : ١٥٥] وقال بعضهم : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) أي (٢) : يأخذ قرية فقرية ؛ وبلدة فبلدة ، حتى يأتي قريبا منهم ، ثم يأخذهم ، كلما أخذ قرية كان لهم من ذلك خوف ، فذلك أخذ بتخوف ، وهو ما قال : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ ...) الآية [الرعد : ٣١] وعد الله حلوله قريبا من دارهم ، كان يخوفهم حتى نزل بساحتهم ، فذلك أخذ بالتخوف ، يخبر أن عذابه لا يؤمن حلوله وأخذه إياهم في كل حال ؛ في الحال التي ليس لهم أمن ولا خوف ؛ أي : لم يغلب هذا على هذا ، وفي الحال التي يكونون آمنين في تقلبهم وحوائجهم ، وفي الحال التي يكونون متخوفين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ).
حيث لم يستأصلكم ، ولم يأخذكم بما كان منكم من الافتراء على الله ، والتكذيب لرسله ، والمكابرة ، والمعاندة لآياته وحججه وقتئذ ، ولكن أمهلكم وأخر ذلك عنكم.
أو رءوف رحيم إذا تبتم ورجعتم عما كان منكم يرحمكم ويغفر لكم ذلك.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ (٤٨) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (٥٠)
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ).
قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا).
يحتمل وجهين :
أحدهما : أن قال ذلك لقوم قد تقرر عندهم وثبت أن كل شيء يسجد لله ويخضع له ، فقال ذلك لهم على العتاب : إنكم قد علمتم أن كل شيء لم يركب فيه العقل ، ولم يجعل فيه الفهم والسمع يخضع لله ويسبح له ، فأنتم لا تخضعون له مع ما ركب فيكم العقول
__________________
(١) في ب : تنقص.
(٢) في ب : أن.