يحتمل قوله : (تَفْتَرُونَ) : تسميتهم الأصنام آلهة ، ويحتمل افتراؤهم على الله ما قالوا : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها) [الأعراف : ٢٨] زعموا [أن ما](١) فعل آباؤهم [وفعلوا هم](٢) كان بأمر من الله ورضاه ؛ حيث تركهم على ذلك ، فذلك افتراؤهم.
وقوله : (تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ).
يحتمل السؤال الجزاء ؛ أي : تالله لتجزون عما كنتم تفترون ، ويحتمل السؤال سؤال حجة ، يسألون على ما ادعوا على الله من الأمر الحجة على ذلك ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٥٩) لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٠) وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٦١) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (٦٢) تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(٦٤)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ).
أي : يقولون : لله البنات ، يخبر عن شدة سفههم ؛ حيث يأنفون ويستحيون عن البنات ، ثم ينسبون ذلك إلى الله ويضيفونها إليه ، يصبر رسوله على أذى الكفرة ؛ حيث قالوا فيه ما قالوا : إنه ساحر ، وإنه مفتر ، ونحوه ، على علم منهم ويقين أنه ربهم وخالقهم ، فمن أنكر رسالته أولى بالصبر على قوله والحلم منه.
(سُبْحانَهُ).
كلمة تنزيه عمّا قالوا فيه ، وحرف تعجيب ؛ حيث نسبوا إلى الله ما كرهوا (٣) لأنفسهم [(وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) : يجعلون لأنفسهم البنين ويجعلون لله ما يكرهون لأنفسهم](٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ).
__________________
(١) في أ : أنه.
(٢) في أ : وفعلهم.
(٣) في أ : يكرهون.
(٤) سقط في أ.