والبهائم كل ما خشن ، وخبث (١) يذكرهم مننه عليهم ونعمه [عليهم](٢) ليستأدي (٣) بذلك شكره.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) قال بعضهم : أبا لشيطان يصدّقون ، ويجيبونه إلى ما دعاهم من الأنفة من البنات ، وبنعمة الله هم يكفرون ، أي : هذه البنات لكم نعمة ، فكيف تكفرونها ، وقال : (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) أي : أبالشيطان إلى ما دعاكم وبنعمة الله أي : بمحمد يكفرون ، أو بالإسلام ، أو بالقرآن.
وقال أبو بكر الأصم : (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) يقول : تقرون بأنكم عبيد لأحجار وتذلون لها وتعبدونها ، (وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) يقول : وبما أنعم الله عليكم في أنفسكم وما خولكم ورزقكم تكفرون به ، وكان الشكر أولى بكم ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣) فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧٤) ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧) وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(٧٨)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً) فائدة ذكر هذا لنا ـ والله أعلم ـ لئلا نتبع بعض المخلوقين بأهوائنا ، ولا نكل في أمورنا إلى من نعلم أنه لا يملك ضرّا ولا نفعا ، ولا يستطيع شيئا من الرزق ، كما تبع أولئك في عبادة من يعلمون أنه لا يملك شيئا ، ولا نفعا ولا ضرّا فيعبدونه ؛ يذكر سفههم في عبادتهم من يعلمون أنه لا يملك شيئا من النفع والضر والرزق لئلا نعمل نحن مثل صنيعهم بمن دون الله من المخلوقين.
ثم اختلف في قوله : (ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً) قال الحسن : هو على التقديم ، أي : يعبدون من دون الله شيئا لا يملك لهم ما ذكر.
__________________
(١) في أ : وحيث.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : يستأدي.