وقال أبو عوسجة : (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) : يوم سيركم (١) ؛ ظعن يظعن : سار ، والسراويل : القميص. يقول : (تَقِيكُمُ) ، أي : تستركم.
وقال القتبي (٢) : (ظِلالاً) ، أي : ظلال الشجر والجبال.
وقوله : (كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ).
هذا ـ والله أعلم ـ في قوم علم الله أنهم يؤمنون بما ذكر لهم من أنواع النعم والأفضال ؛ ليعلم أن الإسلام من أعظم نعم الله ، لا يناله أحد إلا بنعمته.
وقال بعض أهل التأويل : سميت سورة (النحل) سورة النعم ؛ لما فيها من ذكر النعم وأنواع منافع الخلق من أولها إلى آخرها.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٨٤) وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٥) وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ (٨٦) وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ)(٨٩)
وقوله : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً).
قال بعضهم : شهيدها : أن يشهد عليهم من نحو ما ذكر من شهادة جوارحهم عليهم ، وهو قوله : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ ...) الآية [النور : ٢٤] ، وقوله : (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ...) الآية [فصلت : ٢٠] ، وقوله : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) [الزلزلة : ٤] ، ونحو ذلك من الآيات التي فيها ذكر الشهادة عليهم ؛ عند إنكارهم أعمالهم التي عملوها.
وقال بعضهم (٣) : شهيدها : رسولها الذي بعث إليهم يشهد عليهم أنه قد بلغ إليهم رسالات ربهم ، وهو كقوله : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) [فاطر : ٢٤] ، والنذير : هو الرسول المبعوث إليهم ، وهو ما ذكر ـ أيضا ـ : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ)
__________________
(١) في ب : يقول يوم سيركم.
(٢) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٤٨).
(٣) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢١٨٤٣) ، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٢٣٩).