قال الحسن : قوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) فيما بين الناس ، أي : يأمر بالحكم فيها بينهم بالعدل ، (وَالْإِحْسانِ) : هو ما كلفهم بالطاعة له ، أو أن يكون الأمر بالإحسان إلى أنفسهم أو إلى الناس ، وجائز أن يكون الأمر بالعدل فيما بينه وبين الله ، والإحسان فيما بينه وبين الخلق ، أي : يعامل ربه بالعدل ؛ لأن العدل هو وضع الشيء موضعه ، وهو لا يقدر على المجاوزة عن العدل حتى يكون في حد الإحسان فيما بينه وبين ربه ، ويقدر أن يصنع (١) إلى خلقه أكثر مما يصنعون هم إليه ؛ فيكون محسنا إليهم ، وأما إلى الله فلا يكون محسنا.
(وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى).
أي : إعطاء ذي القربى الصدقة من غير الزكاة المفروضة.
(وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ).
هي المعاصي ، أي : نهى عن المعاصي كلها. وقال أبو بكر الأصم : (يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) ، أي : بالحق الذي له عليهم ، والإحسان : هو ما تعبدهم (٢) من العبادات والطاعات التي جعل بسبب عطف بعضهم على بعض.
(وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى).
صلة القرابة والأرحام.
(وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ).
قال (٣) ابن عباس (٤) ومقاتل (٥) وقتادة وهؤلاء : قوله : (يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) : بالتوحيد ، (وَالْإِحْسانِ) ، أي : أداء الفرائض ، وهو قول ابن عباس وقتادة.
وقال مقاتل : قوله : (وَالْإِحْسانِ) : هو فيما بينهم ، يحسن بعضهم إلى بعض ، (وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) : صلة الأرحام ، (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ) ، أي : الزنى ، (وَالْمُنْكَرِ) ، أي : السكر (٦) ، (وَالْبَغْيِ) : مظالم الناس.
__________________
(١) في أ : صنع.
(٢) في ب : تعبدتم.
(٣) في ب : وقال.
(٤) أخرجه ابن جرير (٢١٨٦٢) و (٢١٨٦٣) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٢٤١).
(٥) نسبه البغوي له كما في تفسيره (٣ / ٨١).
(٦) في ب : الشرك.