يحتمل يحق الحق بكلماته [أي : برسله ؛ إذ بالرسل يظهر الحق وبهم يظهر بطلان الباطل وهم حجج الله في الأرض وبالحجج يظهر الحق ، وكذلك الباطل.
ويحتمل ما ذكر أهل التأويل بكلماته : آياته التي أنزل عليه ، بها ظهر حقيقة ما أتى به موسى وبها ظهر بطلان ما أتى به السحرة من السحر.
ويحتمل كلماته](١) ما وعد موسى قومه من العذاب الذي وعد [من الظفر بأعدائهم والنصر عليهم وغير ذلك ما وعد من](٢) النعمة لهم ؛ كقوله : (اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) [المائدة : ٢٠].
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ).
يحتمل قوله : (مِنْ قَوْمِهِ) من قوم موسى لما قيل : إن موسى كان من أولاد إسرائيل ، فهم من ذريته من هذا الوجه ، يقال : أهل بيت فلان وإن لم يكن البيت له.
ويحتمل [قوله](٣) : (إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ) من قوم فرعون فهو نسب إليه لما ذكرنا. وقال أهل التأويل : أراد بالذرية القليل منهم ، أي : ما آمن منهم إلا القليل ، ولكن لا ندري ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ).
يحتمل : ما آمن من آمن من قومه إلا على خوف من فرعون وملئه أي : آمنوا ، أي : وإن خافوا من فرعون وملئه.
ويحتمل ما ترك من قومه الإيمان بموسى من ترك إلا على خوف من فرعون أن يفتنهم أي : يقتلهم ويعذبهم ، ففيه دلالة أن الخوف لا يعذر المرء في ترك الإيمان حقيقة ، وإن كان يعذر في ترك إظهاره ؛ لأن الإيمان هو التصديق والتصديق يكون بالقلب ولا أحد من الخلائق يطلع على ذلك ؛ لذلك لم يعذر في ترك إتيانه لأنه يقدر على إسراره ، ألا ترى إلى قوله : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) [غافر : ٢٨] كان مؤمنا فيما بينه وبين ربه وإن لم يظهر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ) وهو ما قال ـ عزوجل ـ : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) [القصص : ٤] أي : قهر وغلب على أهل الأرض وإنه لمن المسرفين.
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في ب.