وعلى هذا يخرج قوله : (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ...) الآية [الإسراء : ٨٠] ، أي : أخرجني مخرج أهل صدق وأدخلني مدخل أهل صدق ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) قال أهل التأويل : يعني المن والسلوى ، ولكن الطيبات هي التي طابت بها الأنفس مما حل بالشرع مما لا تبعة على أربابها مما لم يعص فيها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ) أي : فما اختلفوا في الدين إلا من بعد ما جاءهم العلم أنه حق.
وقيل (١) : فما اختلفوا في محمد في أنه رسول الله إلا من بعد ما جاءهم العلم [أنه رسول الله وقيل : فما اختلفوا في القرآن والأديان التي أنزلها على رسوله إلا من بعد ما جاءهم العلم](٢) أنه منزل من عند الله. ويحتمل قوله : (فَمَا اخْتَلَفُوا) في موسى أنه رسول الله إلا من بعد ما جاءهم العلم أنه رسول الله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ...) الآية : ظاهرة من الوجوه التي ذكرنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) يحتمل وجهين :
أحدهما : الجزاء والثواب ، والثاني : في تبيين المحق من المبطل.
قوله تعالى : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (٩٤) وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٩٥)
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ) : اختلف فيه ؛ قال بعضهم : [الخطاب به لرسول الله والمراد منه غيره. وقال بعضهم : الخطاب به المراد به جميعا غيره. وقال بعضهم](٣) الخطاب به والمراد به رسول الله ما كنت في شك مما أخبرتهم وأنبأتهم ، فمن قال : الخطاب لرسول الله والمراد به غيره ، وهو ما ظهر في الناس أنهم يخاطبون من هو أعظم منزلة عندهم وقدرا ويريدون به غيره ، وإلا لا يحتمل أن يكون رسول الله يشك فيما أنزل إليه قط أو يرتاب ؛ كقوله : (إِمَّا يَبْلُغَنَ
__________________
(١) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٣٦٧).
(٢) ما بين المعقوفين سقط في ب.
(٣) ما بين المعقوفين سقط في أ.