من في علم الله أنه يؤمن ، وأما من في علم الله أنه لا يؤمن فلا يؤمن.
وقيل : (وَما كانَ لِنَفْسٍ) أي : لا تؤمن نفس إلا بمشيئة الله ، أي : إذا آمنت إنما تؤمن بمشيئة الله ما يفعل إنما يفعل بمشيئة الله ؛ كقوله : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).
وقال بعضهم : [قوله](١) : (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) أي : بأمر الله ، فمعناه إذا آمنت إنما تؤمن بأمره لا تؤمن بغير أمره فالأول أقرب ، والله أعلم.
وقوله : (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) أي : يجعل جزاء الرجس ، أي : جزاء الكفر على الذين لا يعقلون ، أي : الذين لا ينتفعون بعقولهم ، والله أعلم.
قوله تعالى : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (١٠١) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ)(١٠٣)
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تأويله ـ والله أعلم ـ أي : انظروا إلى آثار نعمه وإحسانه التي في السموات والأرض [لكي تشكروه أو يقول : انظروا إلى آثار ربوبيته وألوهيته في السموات والأرض](٢) فتوحدوه وتؤمنوا به أو يقول : انظروا إلى آثار سلطانه وقدرته فتخافوا نقمته (٣) وعقابه ، أو انظروا إلى أجناس الخلق واتساقه على تقدير واحد ليدلكم على وحدانيته ونحو ذلك ، ليس شيء في السموات والأرض يقع عليه البصر إلا وفيه دلالة الربوبية حتى طرفة العين ولحظة البصر.
وقوله : (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ) [يحتمل وجوها : يحتمل وما تغني الآيات والنذر عن قوم](٤) همتهم المكابرة والمعاندة ، إنما تغني الآيات من همته القبول والانقياد ، وأما من همته المكابرة والعناد فلا تغني ؛ وهو كقوله : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى ...) الآية [الأنعام : ١١١].
ويحتمل وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون في الدنيا ، إنما تنفع وتغني لقوم يؤمنون ، فأما من لا يؤمن فلا تغني.
والثالث : (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ) يحتمل الرسل ، ويحتمل المواعيد (٥) التي أوعدوا والأحوال التي تغيرت على أوائلهم ، والله أعلم.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : نعمته.
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : الوعيد.