[سورة هود عليهالسلام](١)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٤)
قوله ـ عزوجل ـ : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) :
قال الحسن : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) بالأمر والنهي (٢) ، (ثُمَّ فُصِّلَتْ) بالوعد والوعيد.
وقال بعضهم : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) بالوعد والوعيد ، (ثُمَّ فُصِّلَتْ) بالأمر والنهي.
وقال بعضهم : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) حتى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها (٣) ، ولا يملك أحد التبديل ، (ثُمَّ فُصِّلَتْ) بينت ما يؤتى و [ما](٤) يتقى ، أو بينت ما لهم وما عليهم وما لله عليهم.
وقال بعضهم : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) فلم تنسخ (٥) ، (ثُمَّ فُصِّلَتْ) بالحلال والحرام. وقيل : (فُصِّلَتْ) أي : فرقت في الإنزال أنزل شيء بعد شيء على قدر (٦) النوازل والأسباب فلم ينزل جملة ؛ لأنه لو أنزل جملة لاحتاجوا إلى أن يعرفوا الكل بسببه وشأنه وخصوصه وعمومه ، فإذا أنزل متفرقا في أوقات مختلفة على النوازل والأسباب عرفوا ذلك على غير إعلام ولا بيان ، والتفصيل هو اسم التفريق واسم التبيين ، وذلك يحتمل المعنيين جميعا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) : أي : أحكمت حتى لا يرد عليها النقض (٧)
__________________
(١) في ب : السورة التي فيها ذكر هود ، عليه الصلاة والسلام.
(٢) أخرجه ابن جرير (٦ / ٦٢٠) (١٧٩٢٩ و ١٧٩٣٠ و ١٧٩٣١) عن الحسن البصري.
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٧٨) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن الحسن البصري.
(٣) أخرجه بمعناه ابن جرير (٦ / ٦٢١) (١٧٩٣٣ و ١٧٩٣٤) عن قتادة ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٧٨) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن قتادة.
(٤) سقط في ب.
(٥) ذكره البغوي (٢ / ٣٧٢) ونسبه لابن عباس ، وكذا الرازي (١٧ / ١٤٢).
(٦) ذكره البغوي (٢ / ٣٧٢) ، وكذا الرازي (١٧ / ١٧٣).
(٧) في ب : النقيض.