والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) : يحتمل قوله : (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ) في الدنيا جزاء فضله في الآخرة.
ويحتمل (وَيُؤْتِ) بمعنى أتى ، أي : ما أتى كل ذي فضل في الدنيا إنما أتاه بفضله.
وقوله : (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) أي : ويؤت كل ذي فضل في دينه في الدنيا فضله في الآخرة ، أو يقول : يؤت كل ذي فضل في الدنيا والآخرة فضله ؛ لأن أهل الفضل في الدنيا هم أهل الفضل في الآخرة.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا) : ولم يسلموا ، (فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) الآية ظاهرة.
وقال بعضهم (١) في موضع آخر ، وهذا لما يكبر على الخلق ويعظم ذلك اليوم.
وقال بعض أهل الفقه : في قوله : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) دلالة تأخير البيان ؛ لأنه قال : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) ، وحرف ثم (٢) من حروف الترتيب ، ففيه جواز تأخير البيان ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) أي : إلى ما أعد لكم مرجعكم من وعد ووعيد.
(وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي : وهو على كل ما [أوعد ووعد](٣) قدير.
قوله تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)(٥)
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ) : عن عبد الله بن شداد قال : كان أحدهم إذا مر بالنبي تغشى بثوبه وحنى صدره.
__________________
ـ الثاني : أنه تعالى يوصل إليهم الرزق كيف كان ، وإليه الإشارة بقوله : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ)[طه : ١٣٢].
الثالث : أن المشتغل بالعبادة مشتغل بحب شيء يمتنع تغيره وزواله وفناؤه ، وكلما كان تمكنه في هذا الطريق أتم كان انقطاعه عن الخلق أتم وأكمل ، وكلما كان الكمال في هذا الباب أكثر كان الابتهاج والسرور أكمل ؛ لأنه أمن من تغير مطلوبه ، وأمن من زوال محبوبه.
وأما من اشتغل بحب غير الله ، كان أبدا في ألم الخوف من فوات المحبوب وزواله ؛ فكان عيشه منغصا وقلبه مضطربا ؛ ولذلك قال تعالى في حق المشتغلين بخدمته : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً)[النحل : ٩٧]. ينظر : اللباب (١٠ / ٤٣٢).
(١) في أ : عظيم.
(٢) في ب : الثم.
(٣) في ب : وعد وأوعد.