وقال بعضهم : المسجد ـ هاهنا ـ الكنيسة أو البيعة (١).
وقوله : (وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً).
أى (٢) : ليهلكوا ما علوا به ، أي : ما غلبوا به وقهروا ، أي : الأسباب التي بها عصوا.
وقال أبو عوسجة : (ما عَلَوْا) ، أي : ليفسدوا ما أهلكوا ، والتّبار : الفساد ، يقال : علوت الشيء ، أي : ملكت :
وقوله ـ عزوجل ـ : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ).
يحتمل : أن يكون ذلك لأولئك الذين تقدم ذكرهم ، وفيهم نزل ما نزل ، يرحمهم إن تابوا ، ويشبه أن يكون على الابتداء : عسى ربكم أن يرحمكم بمحمد.
(وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا).
أي : وإن عدتم إلى التكذيب والعصيان عدنا إلى العقوبة والقتال إلى يوم القيامة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً).
قيل (٣) : سجنا لا يخرجون منها ، وقيل (٤) : محبسا ، وحصيرا يحصرون فيها ، والله أعلم.
قوله تعالى : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢) وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)(١٤)
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).
معنى : التأنيث في قوله (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) قيل بوجوه :
قيل : إن هذا القرآن يهدى للملة التي هي أقوم الملل وأعدلها ، والملة هي الدين ، دين الله.
__________________
(١) والمسجد : بيت المقدس ونواحيه.
(٢) ينظر : اللباب (١٢ / ٢١٦).
(٣) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢٢١٠٨) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٣٠٠) ، وهو قول أبي عمران الجوني وابن زيد.
(٤) قاله قتادة أخرجه ابن جرير عنه (٢٢١٠٣).