قوله تعالى : (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (١٧) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (١٨) وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (١٩) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (٢٠) وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً)(٢١)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ).
قيل (١) : تميل عن كهفهم (٢).
(ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ).
كانت لا تصيبهم لا عند طلوعها ولا عند غروبها ؛ لأن الكهف كان مستقبل بنات النعش ، وكل شيء يكون مستقبل بنات النعش لا تصيبه الشمس.
وقال بعضهم (٣) : لا ، ولكن كان ثمة حجاب وستر يحجب الشمس عن أن تقع عليهم ، لكن هذا لا يصلح ؛ لأن الله ـ عزوجل ـ جعل لهم ذلك آية من آياته ، وكرامة من كراماته ؛ فليس فيما لا يقع عليهم الشمس بحجاب أو ستر كبير آية ومنة ؛ إنما الآية فيما تقع الشمس عليهم ، ثم يدفع عنهم ضررها وأذاها ؛ فإذا كانوا بحيث لا تصيبهم الشمس ـ فأذاها وضررها ـ أيضا ـ لا يصيبهم ؛ فليس في ذلك كبير آية وحكمة ؛ إذ ليس فيما لا يصيب الشمس ضرر أو أذى ، ولكن يذكر لطفه ؛ حيث منع ضرر الشمس وأذاها عنهم مع إصابة الشمس إياهم ووقوعها عليهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ) يمينهم ، أو يمين القبلة ، وكذلك (ذاتَ الشِّمالِ) : شمال أولئك ، أو شمال القبلة ، فأما يمين الجبل والغار ، على
__________________
(١) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير (٢٢٩٢٦ ـ ٢٢٩٢٧) ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٤ / ٣٩١) ، وهو قول سعيد بن جبير ، وقتادة.
(٢) ينظر : اللباب (١٢ / ٤٤١).
(٣) قاله البغوي (٣ / ١٥٤).