وقيل : إن الإستبرق هو الرقيق من الديباج بلغة قوم ، فإن كان ما ذكر فكأنه إنما ذكر ذلك لأولئك ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ).
قال بعضهم (١) : (الْأَرائِكِ) : السرر في الحجال ، والأريكة : السرير في الحجلة.
وقال بعضهم (٢) : (الْأَرائِكِ) : السرر عليها حجال.
وقال أبو عوسجة : (الْأَرائِكِ) : الوسادة.
(وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) قيل : منزلا.
وأصل هذا : أنه وعد لهم في الآخرة ما كانت أنفسهم ترغب فيه في الدنيا ليتركوا ذلك في الدنيا للموعود في الآخرة ، وكذلك حذرهم في الآخرة بأشياء تنفر [منها] أنفسهم وطباعهم في الدنيا ؛ ليحذروا ما يستوجبون الموعود في الآخرة ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً (٣٣) وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (٣٤) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (٣٥) وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً (٣٦) قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٣٧) لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (٣٨) وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (٣٩) فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً (٤١) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً (٤٣) هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً)(٤٤)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ ...) إلى آخر ما ذكر.
جائز أن يكون هذا المثل كان في الأمم المتقدمة وكتبهم ، سئل رسول الله عن ذلك ليعلم وليتبين لهم صدقه بأنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ما يدعي على ما سئل هو عن قصة ذي
__________________
(١) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٣٠٤٥) ، وعبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٤ / ٤٠٣).
(٢) قاله مجاهد ، أخرجه ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٤٠٣).