وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً).
أي : يجزى كلا على قدر عمله ، لا يزيد على قدر عمله ولا ينقص عنه ، أي : لا ينقص المؤمن من حسناته ، والكافر لا يترك له سيئة ، الظلم : هو في الشاهد وضع الشيء غير موضعه.
يقول : لا يظلم ربّك أحدا ، أي : لا يكون بما يجزى كلا على علمه ظالما واضعا شيئا غير موضعه.
قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (٥٠) ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (٥١) وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣) وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)(٥٤)
وقوله : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ).
ذكر الله ـ عزوجل ـ : قصة آدم وإبليس في غير موضع من القرآن على الزيادة والنقصان ؛ وإنما ذكر كذلك وكرّر لما كذلك كان في الكتب المتقدمة مكررا معادا ؛ فذكر في القرآن على ما كان في تلك الكتب ؛ ليكون ذلك آية لرسالة محمد حيث علموا أنه كان لا يعرف الكتب المتقدمة.
أو أن ما كرره لحاجات كانت لهم ولفوائد تكون في التكرار ؛ ليكون لهم عظة وتنبيها في كل وقت وكل حال ، وقد يكرّر الشيء ويعاد على التذكير والتنبيه ، والله أعلم بذلك.
وقوله : (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ).
اختلف فيه : قال بعضهم (١) : سمي من الجن ؛ لأنه كان من الجان الذين يعملون في الجنان ؛ فنسب إليهم.
وقال بعضهم (٢) : إن من الملائكة قبيلة يقال لها : الجن ، فكان إبليس منها ؛ فنسب إليها.
__________________
(١) قاله سعيد بن جبير ، أخرجه ابن جرير (٣٢١٢٦ ، ٣٢١٢٩) والبيهقي في الشعب عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٤١٢).
(٢) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢٣١٢٠ ، ٢٣١٢١) ، وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الشعب عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٤١٢) وهو قول قتادة وغيره.