الأوّل ؛ ليصرفوا طمعهم ورجاءهم من الخلق إلى خالقهم ، وألا يطمع ولا يرجى غيره.
ثم اختلف في قوله : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) :
قال بعضهم (١) : (السِّرَّ) : ما أسررت به إلى غيرك ، (وَأَخْفى) : ما أضمرته وأكننته في نفسك ، لم تسره إلى أحد.
قال قائلون (٢) : (السِّرَّ) : ما أسررت به وحدثت به نفسك ، (وَأَخْفى) : ما علم الله أنه كائن يكون ، ولم يكن بعد ، ولم تعلم به.
وقال قائلون : (السِّرَّ) : ما أسره في نفسه ، (وَأَخْفى) : ما خطر في قلبه ، وهو لا يضبطه ، ونحو ذلك ، وأصله في قوله : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ) كأنه يقول : وإن تجهر بالقول أو تسرّ (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) :
قال أبو بكر الأصم : أي : من وحّد الله بأسمائه فله الحسنى ، وهي الجنة ، وقد ذكرناه فيما تقدم (٣).
قوله تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (١٠) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦) وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨) قالَ أَلْقِها يا مُوسى (١٩) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (٢٠) قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (٢١) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى)(٢٣)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى. إِذْ رَأى ناراً) ، ظاهر ، هذا سؤال واستفهام ، لكن المراد منه الإيجاب ، ثم اختلف في معنى الإيجاب :
قال الحسن وأبو بكر : قوله (وَهَلْ أَتاكَ) ، أي : لم يأتك حديث موسى وسيأتيك ، ثم أخبره وأعلمه بحديثه ونبئه.
__________________
(١) قاله عكرمة والحسن ، أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر عنهما ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥١٩).
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٤٠١٤ ـ ٢٤٠١٦) وعبد الرزاق وعبد بن حميد عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥١٩) ، وهو قول سعيد بن جبير والضحاك.
(٣) ينظر : اللباب (١٣ / ١٩٥ ـ ١٩٦).