كمثل من زرع بذر الشوك لم يحصد برّا قط.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى).
أي : ذلك الذي ذكر جزاء من صلح عمله وأنماه ، والزكاة : هي النماء في اللغة.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (٧٧) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (٧٩) يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى)(٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى)(٨٢)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) : وهو السير بالليل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً) أي : اضرب بعصاك البحر ، اجعل لهم طريقا في البحر يابسا ؛ كقوله : (فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ ...) الآية [الشعراء : ٦٣].
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى).
أي : لا تخاف لحوق فرعون وجنوده ، ولا تخشى غرق البحر ، ليس على النهي ، ولكن على رفع الخوف عنه والأمن عن أن يدركهم ويلحقهم ؛ ألا ترى أنه قال : (قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ. قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء : ٦١ ، ٦٢].
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ).
دل قوله : (بِجُنُودِهِ) على أن كان معه جنود لا جند واحد ، وأما العدد فإنهم كذا وكذا ألفا وقوم موسى كذا وكذا ألفا ، فذلك لا يعلم إلا بالخبر وليس بنا إلى معرفة ذلك حاجة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) ؛ أي : من الغرق والهلاك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى).
قال بعضهم : وأضل فرعون قومه وما هداه الله.
وقال بعضهم : وأضل فرعون قومه وما هداهم حيث قال : (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) [غافر : ٢٩].
وقيل : أضل قومه وما هدى نفسه.
وقال بعضهم : (وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى) [طه : ٧٦] ، أي : آمن ؛ وذلك أنه بالإيمان تزكو الأعمال وتنمو ، وبه يثاب عليها ويؤجر.