وفي حرف ابن مسعود : نحن أعلم بما يقولون إذ عيل عليهم إذ يقول أمثلهم طريقة قال أبو معاذ : قوله : عيل عليهم أي : اشتبه وخفى وفاتهم علمه ، وقال : ومنه يقول : عالت الفريضة تعول عولا : إذا جاوزت السهام فأشكل على الفارض واشتبه ، ومنه قيل : عيل صبري.
قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٧) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (١٠٨) يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (١٠٩) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (١١٠) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) (١١٢)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً).
يشبه أن يكون سؤالهم عن أحوال الجبال في ذلك اليوم لما بين أحوال الناس في الساعة بقوله : (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ...) الآية [الحج : ١ ، ٢] ، وكقوله : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى ...) الآية [الحج : ٢] ، وصف لهم أحوال الخلق في ذلك اليوم ، ولم يصف أحوال الجبال والأرض ، فعند ذلك سألوه عن أحوال الجبال ، فأمر رسوله أن يخبرهم بما ذكر أنه (يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) ، وما ذكر أيضا في آية أخرى : (هَباءً مَنْثُوراً) [الفرقان : ٢٣] ، (كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القارعة : ٥] ، (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) [القارعة : ٤] ونحوه ، فجائز أن يكون ذلك على اختلاف الأحوال ، وقد ذكرناه فيما تقدم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً. لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً).
قال بعضهم (١) : (قاعاً صَفْصَفاً) أي : مستوية ، والقاع والصفصف واحد.
وقال بعضهم (٢) : هي الأرض الملساء التي لا نبات فيها ولا زرع.
وقوله : (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) قيل (٣) : لا واديا ولا أمتا ولا رابية.
وقال بعضهم (٤) : العوج : الارتفاع ، والأمت : الهبوط.
__________________
(١) قاله ابن عباس : أخرجه ابن جرير (٢٤٣١٩) وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥٥٠) ، وهو قول مجاهد وابن زيد.
(٢) قاله ابن عباس بنحوه ، أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥٥٠).
(٣) قاله ابن عباس : أخرجه ابن جرير (٢٤٣٢٤) وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥٥٠).
(٤) قاله الضحاك بنحوه ، أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥٥٠).