نجاة لك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ).
أي : كذلك نجزي كل من أسرف في الدنيا ولم يؤمن بآيات ربه ، ليس أحد المخصوص بذلك دون غيره ، ولكن كل من كان [هذا] صنيعه في الدنيا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى).
كأنه قد سبق منه الوعيد لهم بعذاب ، ثم قال : (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى) من العذاب الذي أوعدتم ، وإلا فعلى الابتداء لا يقال هذا.
قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨) وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى)(١٣٢)
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) جميع ما ذكر في القرآن مثل هذا (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) ، (أَفَلَمْ يَسِيرُوا* أَوَلَمْ يَرَوْا) ، وأمثاله كله أنه قد بين لهم وراء ذلك ، أي : قد بين لهؤلاء أنهم قد وافقوا أولئك الذين أهلكهم من القرون الماضية وما نزل بهم بتكذيبهم الرسل والآيات التي أتوا بها ، وهم آمنون يمشون في مساكنهم ، فكيف أمن هؤلاء من عذاب الله [مع] موافقتهم أولئك في جميع صنيعهم.
أو يقول : أفلم نبين لهم سنتى فيمن كان قبلهم من القرون الماضية بتكذيبهم الرسل وردهم الآيات ، وهم كانوا آمنين في مساكنهم فكيف أمن هؤلاء من عذابه وقد ساووا أولئك في جميع صنيعهم وفعلهم ، وهما واحد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى).
قال بعضهم (١) : (لِأُولِي النُّهى) : هم الذين انتهوا عما نهاهم الله عنه ، وهم ذوو العقول ، وقد ذكرنا هذا في غير موضع.
قال أبو عوسجة : (وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) [طه : ١١٩] ، أي : لا تظهر للشمس ، والظمأ : العطش ، والضحى : الحر.
قال أبو عبيدة : وقال أبو عوسجة : وطفقا وعلقا واحد ، يقال : علق يعلق علقا فهو
__________________
(١) انظر : تفسير ابن جرير (٨ / ٤٧٥) والبغوي (٣ / ٢٣٥).