أي : ما رزق ربك من النبوة والرسالة والتوحيد له والإيمان به خير وأبقى مما متع [به] هؤلاء من ألوان زهرة الحياة الدنيا وأصنافها.
وقال بعضهم : (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) أي : حظك من ربك خير في البقاء مما متع به هؤلاء من زهرة الدنيا ، وهو قول أهل التأويل : إن نبي الله صلىاللهعليهوسلم نزل به ضيف فاستسلف من يهودي طعاما ، فأبى أن يعطيه إلا برهن ، فرهن درعه عنده ، فنزل قوله : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ...)(١) الآية ؛ تعزية له عن الدنيا ، لكن لسنا نعرف نزول الآية على ما ذكر إلا أن يثبت ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ).
قال بعضهم (٢) : أراد بأهله : قومه ، وقد يسمى قوم الرسل : أهلهم ، وجائز أن يكون المراد بالأهل : الذين تأهلهم وكانوا في عياله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) ، أي : داوم عليها والزمها ، [و] فيه أن الصلاة فرضت على الدوام عليها واللزوم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) قال بعضهم : لا نسألك جعلا وأجرا على نبوتك ورسالتك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) قال بعضهم (٣) : لا نسألك للخلق رزقا بل نحن نرزقهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) ؛ كقوله : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص : ٨٣].
قوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٣٣) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى) (١٣٥)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ).
سألوه أن يأتيهم بآية من عند ربه على رسالته ونبوته ، فقال ـ عزوجل ـ : (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) ، أي : قد أتاهم بينة على رسالته ونبوته ما في الصحف الأولى ؛ لأن الكتب المتقدمة كانت بغير لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولم يكن يعرف الكتابة بلسانه فضلا
__________________
(١) أخرجه ابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والبزار وأبو يعلى وابن جرير (٢٤٤٥٥ ، ٢٤٤٥٦) وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق وأبو نعيم في المعرفة ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥٦٠).
(٢) قاله سعيد بن جبير ، أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٤ / ٥٦٠).
(٣) قاله البغوي (٣ / ٢٣٧).