و (الْقانِعَ) : هو الجالس في بيته ، ونحوه.
وقال القتبي (١) : (الْقانِعَ) : السائل ، يقال : قنع يقنع قنوعا ، ومن الرضا : قنع يقنع قناعة ، (وَالْمُعْتَرَّ) : الذي يعتريك ولا يسأل ، يقال : اعتراني : وعدني ، واعتراني.
وقال أبو عوسجة : (الْقانِعَ) : السائل ، والقنوع : السؤال ، والقناعة من الرضا ، يقال منه : قنع يقنع قناعة ، ويقول : قنعته ، أي : أرضيته ، وقنعته ، أي : غطيت رأسه بالقناع ونحوه ، ويقال من المعتر : اعتر اعترارا واعترى وعرا يعر ، وكلها واحد.
وقال : (صَوافَ) ، أي : قياما مصطفة ، وقال : ويكون صوافن ، أي : قائما على ثلاث قوائم. يقال : صفن الفرس يصفن صفونا : إذا قام على ثلاث قوائم.
وقوله : (وَجَبَتْ جُنُوبُها) ، أي : سقطت إلى الأرض ، يقال : وجب يجب وجوبا ، فهو واجب : إذا سقط ، ووجبت الشمس : إذا غابت ، قال : وهذا كله من الصوت ، يقال : سمعت وجبة ، أي : صوتا ، وقال : (مَنْسَكاً) ، أي : موضعا ينسكون إليه للعبادة.
وعن ابن عباس (٢) قال : (الْقانِعَ) : الذي يقنع بما أعطيته ، (وَالْمُعْتَرَّ) : الذي يريك نفسه ولا يسأل.
وقوله : (كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ) أي : البدن التي ذكرناها.
ثم يحتمل ما ذكر من تسخيره إياها لنا وجهين :
أحدهما : (كَذلِكَ سَخَّرْناها) أي : كما سخرناها لكم لركوبها والحمل عليها وأنواع الانتفاع بها في حال الحياة ، كذلك سخرناها لكم ، أي : مثل الذي وصفته لكم ، كل ذلك من تسخيرها إياها لكم ، والله أعلم.
وقوله : (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : لن يقبل الله ذلك إلا ممن كان من أهل التقوى ، لا يقبلها من أهل الكفر ؛ لأنهم قد كانوا ينحرون البدن في الجاهلية ، على ما ذكرنا ، فأخبر أنه لا يقبل ذلك إلا ممن كان من أهل التقوى ، وهو كقوله : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة : ٢٧].
والثاني : أن يكون قوله : (لَنْ يَنالَ اللهَ) أي : لن يرفع إلى الله إلا الأعمال الصالحة الزاكية وما كان بالتقوى ، وأما ما كان غيرها فإنه لا يرفع ولا يصعد بها ، وهو ما قال : (وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ).
وقال بعض أهل التأويل : ذكر هذا ؛ لأن أهل الجاهلية كانوا إذا نحروا البدن نضحوا
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٢٩٣).
(٢) أخرجه ابن جرير (٢٥٢١٩) وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٤ / ٦٥٣).