وعن علي (١) ـ رضي الله عنه ـ قال : الخشوع في القلب ، وأن تلين كنفك للمرء المسلم ، وألا تلتفت في صلاتك.
وقيل : التواضع ، وأصله ما ذكرنا.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ)(١٦)
وقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ).
قال بعضهم (٢) : إنما ذكر سلالة ؛ لأنه سلّ من كل تربة.
وقال أبو عوسجة : السلالة : الخالص من كل شيء ، وقوله : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) حرّ ، أي : من أجود الطين ؛ ذكر مرة : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) ، ومرة : (مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) [الحجر : ٢٦ ، ٢٨] ، ومرة قال : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) [الحج : ٥] ، ومرة : (كَالْفَخَّارِ) [الرحمن : ١٤] ، ونحوه ، وهو آدم ـ عليهالسلام ـ وذلك على تغيير الأحوال ، والله أعلم بالصواب.
وقوله : (ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً) أي : ثم خلقنا ولده وذريته من نطفة ، أخبر [عن] أصل ما خلق آدم منه ، وأصل ما خلق ولده منه ، وهي النطفة.
وقوله : (فِي قَرارٍ مَكِينٍ).
قال بعضهم : الرحم.
وجائز أن يكون القرار هو صلب الرجل ؛ لأن النطفة لا تخلق في الصلب أوّل ما خلق الإنسان ، ولكن تجعل فيه من بعد ؛ فيكون الصلب قرارها ومكانها إلى وقت خروجها منه إلى الرحم ؛ وعلى ذلك قوله : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) [الأنعام : ٩٨] : الرحم.
وقال بعضهم : المستقر : الرحم ، والمستودع : الصّلب.
وجائز أن يكونا جميعا واحدا ، أيهما كان : الرحم أو الصلب ؛ لأن كليهما قرار وما يستودع فيه.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٢٥٤٢١ ، ٢٥٤٢٤) ، وابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٥).
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٥٤٥٢ ، ٢٥٤٥٣) ، وانظر : الدر المنثور (٥ / ١٠). وينظر : اللباب (١٤ / ١٧٦).