الدنيا» ، وفي بعض الأخبار : «أن الآية نزلت في لعان هلال بن أمية (١) ، فذكر فيه ما ذكرنا (٢) ، والله أعلم.
ثم في هذا مسائل :
إحداها : أنه ذكر قذف الأزواج وذكر فيه الأيمان ولم يبين ؛ فظاهر الآية : الزوج والزوجة : كافران أو مسلمان ، حران أو مملوكان ، أو كيف [كانا]؟! فعندنا أنه إذا كان أحدهما حرّا والآخر مملوكا ، أو كانا جميعا مملوكين لم يكن بينهما لعان إلا أن يكونا جميعا من أهل الشهادة.
وحجتهم في ذلك أن الله جعل على الأجنبي الحر إذا قذف أجنبية حرة الحدّ ثمانين ، وجعل حدّ الزوج إذا قذف زوجته وهما حران مسلمان اللعان ، ثم قد ذكرنا إجماعهم على أن الحرّ إذا قذف أمة أو يهودية فلا حدّ عليه ؛ فلما لم يكن على الحرّ القاذف للأمة من الحدّ ما على القاذف الحرّ إذا قذف حرة لم يكن على زوج الأمة من اللعان ما على زوج الحرة.
وأصل هذا : أن الله ذكر الشهادة في رمي الأجنبية المحصنة وأبرأ القاذف من الحد إذا أتى بها ، وأمر بإقامة الحدّ إذا عجز عن إقامتها ، ثم استثنى من الشهداء الذين ذكر في قذف الأجنبية شهادة الزوجين بقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ) ؛ فإذا لم يدخلا في تلك الشهادة إذا كانا مملوكين أو كافرين أو أحدهما لم يدخلا فيما استثنى ؛ إذ الثنيا استخراج من تلك الجملة المستثناة وتحصيل منها ؛ لذلك بطل اللعان.
ووجه آخر في الكافرة : وهو أن المرأة تقول في الخامسة : عليها غضب الله إن كان من الصادقين ، وغضب الله يكون عليها بغير شرط ؛ فمحال أن يقول القاضي لها : عليك غضب الله بشرط إن كان الزوج صادقا ، وهو يعلم أن غضبه عليها في كل حال ؛ لذلك بطل.
والمخالف لنا أولى بإبطال اللعان بين الحرة والأمة والمسلم والذمية منا ؛ لأنهم يزعمون أن العبد ليس بكفء للحر ولا الكافر بكفء للمسلم في القصاص في النفس وفيما دون النفس ؛ فكيف جعلوهما في أيمانهما أكفاء لأيمان الأحرار المسلمين؟! كان يجب أن يقولوا مثل يمين الكافر يصححان (٣) به ليمين المسلم ؛ فلا يوجبون بينهما لعانا ، والوجه فيه ما ذكرنا بدءا.
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : اللباب (١٤ / ٣٠٦ ، ٣٠٧).
(٣) هكذا بالمخطوط وفيه اضطراب.