(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ).
وإن كان وصف محمد ، ففيه جميع ما ذكر ونعته ، وإن كان القرآن فهو كذلك أيضا.
وقوله : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) الذي ذكرنا يحتمل المؤمن ويحتمل محمدا ويحتمل إبراهيم في كلهم (نُورٌ عَلى نُورٍ) ، وقوله : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يحتمل : يهدي الله لنور محمد ، ويحتمل : القرآن ، ويحتمل : الإيمان والهدى.
وقال بعضهم : (نُورٌ عَلى نُورٍ) قال : فالزيت نور ، والمصباح نور ، والقنديل نور ، وقال : المؤمن نور ، وعمله نور ، وكلامه نور.
ويحتمل قوله : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) أي : بنوره.
وقال بعضهم : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يقول : بنوره أضاء السموات والأرض على ما ذكرنا : (مَثَلُ نُورِهِ) يقول : في قلب المؤمن ، وهو في حرف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : في قلب المؤمن ، وهذا مثل ضربه للإيمان والقرآن ، والقلب حين يدخله الإيمان والقرآن (كَمِشْكاةٍ) يعني : الكوة ، (فِيها مِصْباحٌ) يعني : الإيمان ، والقرآن (فِي زُجاجَةٍ) يعني : القلب ، والمشكاة : الصدر ، فكما دخل هذا المصباح في الزجاجة فأضاء ؛ فكذلك أضاء القلب ، ثم خرج من الزجاجة ، فأضاءت المشكاة ، فكذلك أضاء الصدر ، ثم نزل الضوء من الكوة ، فأضاء البيت ، فكذلك نزل النور من الصدر فأضاء الجوف كله ؛ فلم يدخله حرام ، والله أعلم بذلك.
وقوله : (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ) يحتمل ضرب الأمثال لهم وجهين :
أحدهما : ضرب لأفعالهم وأقوالهم مثلا ؛ ليعرفوا مقاديرها في الحسن والجمال ؛ ليعلموا قدرها من الجزاء والثواب ، أو ضرب الأمثال لهم للأنفس المكرمين المعظمين المستوجبين كل خير ؛ ليرغبوا في مثل ذلك فيستوجبوا ما استوجب أولئك ، وكان ضرب مثل الإيمان أو القرآن أو محمدا وما كان على اختلاف ما قالوا بالأنوار التي ضربها ـ والله أعلم ـ لما أنه قد أقام الحجج والبراهين على الإيمان والقرآن ومحمد حتى صاروا كالأنوار التي شبههم بها من الحسن والجمال والضياء إليها حتى يعرف حسن هذه الأنوار وبهاءها كل أحد ؛ فعلى ذلك المضروب به المثل صار في الحسن والبهاء والضياء بالحجج والبراهين كالأنوار التي لا يخفى حسنها وبهاؤها على أحد ، ولا ينكرها إلا معاند ومكابر ، وكان مثل الكفر والعناد من القبح والفساد والبطلان كالظلمات التي ذكر بعضها فوق بعض وكالسراب والزبد الذي ذكر حيث قال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) ، وكالظلمات التي ذكر حيث قال : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ...) الآية [النور : ٤٠](وَمَنْ لَمْ