وتنزيها ؛ وإن لم يفهمه غيرهم ، والله أعلم ؛ كقوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء : ٤٤].
وقوله : ـ عزوجل ـ : (يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ).
حرف «من» إنما يعبر به عن التمييز وحرف «ما» يعبر به [عن] المميز.
وقوله : (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ).
قال بعضهم : كل من فيها قد علم صلاته وتسبيحه ؛ من الملائكة وغيرهم ؛ بلغته ولسانه غير كفار الإنس والجن.
وجائز أن يكون قوله : (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) ما ذكرنا أن كلا منهم يعرف ويفهم أنه يسبح له ، وإن لم يفهم غيره ، كأنه يذكر سلطانه وملكه وغناه عن عبادة هؤلاء والتسبيح ؛ لأن من سبح له كل شيء في السموات والأرض ، فترك عبادة هؤلاء له وعبادته بمحل واحد لا ينفع ولا يضر.
أو أن يقول : من له ملك السموات والأرض لا يقع له الحاجة إلى عبادة أحد ولا طاعته ، وإنما الحاجة والمنفعة في الطاعة والعبادة لهم دون الله ؛ ولذلك قال : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) على أثر ذلك.
وقوله : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) جائز أن يكون هذا على الأول ؛ أي : عليم بما يفعل من ذكر من التسبيح وغيره ، أو أن يكون على ابتداء وعيد للخلق ؛ أي : عليم بجميع ما يفعلون.
وقوله : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) قد ذكر في غير موضع.
وقوله : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ) أي : قد صفت أجنحتها في الطيران ، وكذلك قال أبو عوسجة ، أي : صفت أجنحتها في الهواء فلا تحركها.
وقوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً) قيل (١) : يسوق سحابا (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) أي : بعضه إلى بعض (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) قال : فيها تقدم وتأخير (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) أي : قطعا يحمل بعضه على أثر بعض (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) أي : يضم السحاب بعضه إلى بعض بعد الركام.
وقال بعضهم : قوله : (يُزْجِي) أي : يخرجه من الأرض فيسخره بين السماء والأرض ثم يجعله ركاما.
وقوله : (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) وقيل : «خلله» (٢) ؛ أي : من خلال السحاب (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) قال بعضهم : جبال من ثلج ينزل الله على السحاب
__________________
(١) قاله ابن جرير (٩ / ٣٣٧).
(٢) قرأ ابن عباس (خلاله): (خلله) ، أخرجه ابن جرير (٢٦١٧١ ، ٢٦١٧٢) ، وعن الضحاك (٢٦١٧٠).