صحيحة لا نفاق فيها ، لا طاعة فيها نفاق.
وقال بعضهم : لا تحلفوا ، ولتكن هذه منكم للنبيّ طاعة معروفة حسنة.
وقال بعضهم : (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) يقول : طاعة يعرف أنها طاعة بالقول والعمل ، لا تكونوا كاذبين فيها بالقول دون العمل ، وبعضه قريب من بعض : (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) فلا تقسموا.
وفيه دلالة إثبات رسالته ؛ لأنهم كانوا يسرون ويضمرون فيما بينهم التولي والإعراض عن حكمه ، ثم أخبرهم بذلك ؛ فعلموا أنه بالله عرف ذلك.
وقوله : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا) أي : فإن تولوا عن طاعة الله وطاعة رسوله (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) قال : فإنما على النبي ما أمر بتبليغ الرسالة وعليكم ما حملتم وأمرتم من الطاعة لله ورسوله.
ويحتمل : فإنما عليه أداء ما حمل من الفرائض ، وعليكم أداء ما حملتم وأمرتم من الفرائض.
وجائز أن يكون قوله : (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ) أي : لا يسأل هو ، ولا يؤاخذ بما عليكم ، ولا تسألون أنتم ولا تؤاخذون ـ أيضا ـ بما عليه ؛ إنما يسأل كل عما عليه ؛ كقوله : (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام : ٥٢] والله أعلم.
وقوله : (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) لا شك أنهم إن أطاعوه اهتدوا (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) ظاهر.
قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥٥) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(٥٧)
وقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال بعضهم : مكث رسول الله بمكة سنين من بعد ما أوحي إليه خائفا هو وأصحابه يدعون الناس إلى الله ـ تعالى ـ سرّا وعلانية ، ثم أمر بالهجرة إلى المدينة فكانوا بها خائفين ، يصبحون في السلاح ، ويمسون في السلاح ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع فيه السلاح ، فقال رسول الله : «لن تلبثوا إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس معهم حديدة» ، فأنزل الله