(وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) قد ذكرناه أيضا.
وقوله : (لا تَحْسَبَنَ) كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعلم أنهم ليسوا بفائتين ولا بسابقين عنه ، لكنه ذكر له هذا كما ذكر في قوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [إبراهيم : ٤٢] هما واحد.
وفي حرف ابن مسعود وأبي وحفصة : حسب الذين كفروا أن يعجزوا الله في السماوات والأرض إنه وإن اختلفت الحروف فالمعنى واحد ، والله أعلم.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨) وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩) وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(٦٠)
وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ) قال بعضهم : ذكر أن رجلا وامرأته تسمى أسماء بنت مرثد اتخذا طعاما للنبي ، فجعل الناس يدخلون بغير إذن ، فقالت أسماء : ما أقبح هذا يا رسول الله أن يدخل على الرجل وامرأته بغير إذن وهما في ثوب واحد غلامها المملوك ، فأنزل الله : (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)(١).
وقال بعضهم : نزل هذا في شأن عمر بن الخطاب ، وهو ما قال : «وافقت ربّي في ثلاث» ؛ ذكر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث غلاما من الأنصار يقال له : مدلج إلى عمر بن الخطاب ظهيرة ليدعوه ، فانطلق إليه ليدعوه ، فوجده قائلا قد أغلق عليه الباب ، فسأل الغلام عنه ، فأخبر أنه في هذا البيت ، قال : فدفع الغلام الباب على عمر وسلم ، فلم يستيقظ عمر ، فرجع الغلام ورد الباب ، فقام من خلفه وحركه ، فلم يستيقظ ، فقال الغلام : اللهم أيقظه لي ، قال : ودفع الباب ، ثم ناداه ودخل فاستيقظ عمر فجلس ، فانكشف منه شيء ، فرآه الغلام وعرف عمر أن الغلام قد رأى ذلك منه ، فقال عمر : وددت ـ والله ـ أن الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا أن يدخلوا هذه الساعات علينا إلا بإذنه ، ثم انطلق معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فوجده قد نزل عليه هذه الآية وأمر بالاستئذان على دخولهم في هذه الساعات.
__________________
(١) قاله مقاتل ، أخرجه ابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ١٠١).